الذي تقدم عدم جريانه.
وكأن الوجه فيه : أن موضوع الانفعال هو ملاقاة الجسم النجس بخصوصيته الخارجية من دون دخل لعنوان خاص فيه ، فكل عنوان يفرض للطرف المعلوم سبق النجاسة له لا دخل له في الأثر ، ليمكن أخذه في المستصحب ، ويكون من استصحاب الكلي ، بل ليس العنوان المفروض إلا حاكيا محضا عن الذات على ما هي عليه من الحدود الواقعية ، وحيث كانت الذات المذكورة مرددة بين ما هو معلوم الطهارة ـ وهو الجانب الأيمن في المثال ـ وما هو مشكوك النجاسة من أول الأمر ، لم يجر الاستصحاب فيها ، لعدم تمامية ركنيه في كلا طرفي الترديد.
وفيه : أن ذلك إنما يخرج الاستصحاب المذكور عن استصحاب الكلي ، ولا يجعله من استصحاب الفرد المردد ، بل هو من استصحاب الفرد الإجمالي ، الذي تقدم جريانه ، لوضوح تعلق اليقين والشك بالفرد بخصوصيته الواقعية على ما هو عليه من إجمال ، وهو بذلك يكون موضوعا للأثر ، ولا دخل للخصوصيتين التفصيليتين فيه ، ليكون عدم تمامية ركني الاستصحاب فيهما مانعا من الاستصحاب ، فهو نظير استصحاب نجاسة أحد الإنائين عند احتمال تطهيره ، مع تردده بين طرفين كل منهما بخصوصيته التفصيلية مشكوك النجاسة من أول الأمر ، فالفرد الذي هو موضوع الأثر في المقام مورد لليقين والشك الإجماليين ، فلا يكون من استصحاب الفرد المردد ، على ما تقدم بيان الضابط له ولاستصحاب الكلي والفرد الإجمالي. فراجع.
ولعل الأولى في منع جريان الاستصحاب في المقام ما تقدم منّا في التنبيه الرابع من تنبيهات مبحث العلم الإجمالي من امتناع التعبد بالتكليف الإجمالي بين طرفين يعلم بعدم التكليف تفصيلا في أحدهما ، لما أشرنا إليه هناك من أن مقتضى الاستصحاب وسائر الأصول والقواعد التعبدية هو التعبد بمؤدياتها