لكن هذا لا يقتضي كون الأمر المنوط به بحسب قصد الامر وجعله هو لحاظ الموضوع ، كيف واللحاظ وسيلة وآلة للملحوظ ، فلا يكون طرفا للاناطة ، بل ليس طرفها إلا الملحوظ الاستقلالي ، وهو الموضوع بوجوده الخارجي الذي هو موطن الغرض ومحط الأثر.
فاللحاظ شرط تكويني لتحقق الإرادة المقارنة للخطاب بالكبرى التكليفية ، ولانشاء الكبرى الجعلية الاعتبارية ، والملحوظ بوجوده الخارجي شرط شرعي للنسبة البعثية والزجرية الانشائية ، كما هو شرط للاعتبار الانشائي ، فيكون شرطا في فعلية الحكم التكليفي والوضعي تبعا لذلك ، كما هو مقتضى الظاهر الذي اعترف به قدّس سرّه.
فحديث السنخية لا ينافي الظهور المذكور ، كي يلزم رفع اليد به عنه ، وتكلف تنزيل الخطاب على إناطة الحكم الشرعي بالوجود اللحاظي ، أو إناطة المحركية العقلية ـ لا نفس الحكم الشرعي ـ بالوجود الخارجي ، بل كيف يمكن رفع اليد عن مثل هذا الظهور الارتكازي العام بمثل هذا الوجه المبني على نحو من الاجتهاد ، بل لو فرض التنافي بينهما كان كالشبهة في مقابل البديهة.
وإلى ما ذكرنا يرجع ما قيل من أن اللحاظ شرط للجعل ، والملحوظ بوجوده الخارجي شرط للمجعول ، وهو الحكم ، فقبله لا وجود للحكم.
وأما دعوى : أن الجعل عين المجعول ، وليس الفرق بينهما إلا اعتباريا.
فقد تقدم منعها عند الكلام في استصحاب عدم الجعل في أواخر الفصل السابق.
ثم إن المنوط بالوجود الخارجي ليس هو الإرادة الحاصلة حين الخطاب ، لأن الإرادة المذكورة فعلية خارجية لا تقبل الإناطة لا بالوجود الخارجي ولا الذهني ، بل النسبة البعثية والزجرية الكاشفة عن الحكم التكليفي ، أو النسبة الحملية المسوقة للحكم الوضعي ، فهي تدل على إناطة الأحكام وعدم فعليتها