محض الكشف عن حال جعل الحكم في فرض إجماله وعدم ظهوره في شيء ، وهو خلاف ظاهر النسخ ، بل خلاف ظاهر قوله تعالى في حكاية خطابه لموسى مبشرا بشريعتنا المقدسة وصاحبها الكريم صلّى الله عليه وآله : (قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١) ، لظهوره في استناد وضع الإصر والأغلال لنبي الرحمة صلّى الله عليه وآله ولو باعتبار تبليغه للشريعة السمحة ، لا أن شريعتهم متضمنة لوضعها عنهم في الوقت المذكور مع جهلهم بذلك وليس منه صلّى الله عليه وآله إلا إعلامهم به.
وأما ما ذكره شيخنا الاستاذ قدّس سرّه من أن سيرة الفقهاء من الصدر الأول على عدم ملاحظة مصادر التشريع للأديان السماوية الاخرى واقتصارهم على مصادر التشريع الاسلامي من الكتاب المجيد والسنة الشريفة ، فيكشف عن عدم نفوذ أحكامها في هذه الشريعة لنسخها وإن احتمل ثبوت مثلها في هذا الدين.
فيندفع : بقرب كون منشئه عدم الوثوق بمصادر التشريع المعروفة للاديان المذكورة ، لمعلومية التحريف والابتداع فيها ، ولا بحملتها للعلم بتعمدهم إخفاء الحق.
نعم ، ما ثبت من أحكامهم في الكتاب والسنة لا يبعد البناء على العمل عليه لو فرض جهل حاله عندنا ، وإن كان نادرا ، فقد ذكر شيخنا الاعظم قدّس سرّه عدة فروع
__________________
(١) الأعراف : ١٥٦ / ١٥٧.