الأحكام لهذه الشريعة باعتبار تضمنها إبلاغ بقائها المستفاد من التصريح بذلك أو من السكوت عن نسخه ، وهو المناسب لقوله صلّى الله عليه وآله في موثق أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام : «يا أيها الناس ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه» (١).
لوضوح أن أوامره صلّى الله عليه وآله واردة مورد التبليغ عنه تعالى ، ويكفي فيه تبليغ بقاء الأحكام ، ولا يتوقف على بيان حدوثها ، فلا يقتضي تعدد الحكم ثبوتا ، كي لا يكفي إحراز استمرار الحكم الأول بمقتضى الاستصحاب أو أصالة عدم النسخ ، بل لا بد من إحراز الامضاء الذي هو خلاف الأصل.
وأما ما يظهر من بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه من إحراز الإمضاء في المقام بالاستصحاب ، لأن بقاء الحكم مساوق لتمامية ملاكه الملازم لامضائه في الشريعة اللاحقة.
فهو كما ترى! مبني على الأصل المثبت ، إلا أن يريد الإمضاء في مقام الإثبات ويرجع كلامه إلى أن الحاجة للإمضاء لأجل معرفة بقاء الحكم الالهي ، فإذا احرز بالاستصحاب أو أصالة عدم النسخ كفى في تحقق الغرض من الإمضاء.
نعم ، لو كان مرجع أصالة عدم النسخ إلى أصالة الجهة أشكل البناء عليه في أحكام الشرائع السابقة مع ابتناء تلك الشرائع على التبشير بشريعتنا ، لعدم جريان أصالة الجهة مع تنبيه المتكلم على ما ينافيها فيكون جعل الحكم مجملا من هذه الجهة ، ولا دافع لاحتمال عدم استمراره.
لكن تقدم أن النسخ لا ينافي أصالة الجهة ، كيف ولازمه رجوع النسخ إلى
__________________
(١) الوسائل ج : ١٣ ، باب : ١٢ من أبواب مقدمات التجارة حديث : ٢ ورواه في تحف العقول عنه صلّى الله عليه وآله مرسلا بلفظ قريب من ذلك ، ص : ٢٨ ، طبع النجف الأشرف.