أهلها بأحكام تلك الشرائع.
ودعوى : أن حجيته في هذه الشريعة يكفي في العمل به لأهل تلك الشرائع بأحكامها فيما لو كان احتمال نسخها لا ينشأ إلا من احتمال صحة هذه الشريعة ، للعلم معه ببقاء تلك الأحكام واقعا أو ظاهرا بالاستصحاب المذكور.
مدفوعة : بأن جواز العمل به في هذه الشريعة مشروط بعدم قيام ما تضمنته من الطرق والقواعد على خلافه ، فالرجوع إليه في فرض قيام الحجج المذكورة على خلافه ليس عملا بمقتضى هذه الشريعة ، ولا يحرز معه براءة الذمة ولو ظاهرا. ومع عدم قيامها لا يختص بالشك في بقاء الشريعة السابقة ، بل يجري مع العلم بنسخها بالشريعة اللاحقة لو لا ما تقدم في الجهة الأولى. فلاحظ.
الثالثة : أن جريان الاستصحاب في ما سبق مشروط بالفحص ، لما يأتي من توقف جريان الأصول الترخيصية في الشبهات الحكمية عليه ، ولا مجال لذلك هنا لو فرض كون أدلة وجوب الفحص مختصة بهذه الشريعة ، إما لأخذ من أدلة نقلية أو لكونه مقتضى العلم الإجمالي ، لتفرع حجية الأدلة النقلية على ثبوت هذه الشريعة والاستصحاب ينفيه ، كما أن العلم الإجمالي مبني على ملاحظة هذه الشريعة والمفروغية عن ثبوتها.
اللهم إلا أن يقال : احتمال حقيقة هذه الشريعة مستلزم لاحتمال نسخ عموم الاستصحاب في تلك الشريعة وتخصيصه بصورة الفحص ، فلا يجري استصحاب عمومه لاستلزامه الدور ، بل يتعين في مثله الرجوع لاصالة عدم النسخ فيه ، والظاهر كونها مشروطة بالفحص ، فلا يتجه الفرق المذكور.
والأمر أظهر لو كان دليل وجوب الفحص. قبل الرجوع للأصول الترخيصية غير مختص بهذه الشريعة ، إما لكونه عقليا محضا أو لكونه سمعيا واردا في الشريعة السابقة أيضا ، حيث لا إشكال في وجوب الفحص حينئذ