المستلزم لوضوح الحق ، لقوة آياته وكثرة بيناته ، إذ : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) ، (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً).
ومن جميع ذلك يظهر الكلام في استصحاب نبوة أنبياء الشرائع السابقة ، إذ لا يحتمل ارتفاع نبوتهم بنحو لا يجب الاعتقاد بهم رأسا ، بل بنحو يجب فعلا الاعتقاد بعدم إناطة أمر التبليغ بهم ، أو بنحو لا يجب الالتزام بأحكامهم ، لنسخها بهذه الشريعة. والأول لا يجري فيه الاستصحاب ، والثاني يبتني على ما ذكرنا. فتأمل جيدا.
ولنكتف بهذا المقدار في محل الكلام ، لعدم ترتب ثمرة مهمة عليه. وبه ينتهي المقام الثالث من المقامات الثلاثة التي يبتني عليها كلامنا في الاستصحاب. ومنه سبحانه نستمد العون والتوفيق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل. والحمد له ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله الكرام.
خاتمة
ألحق شيخنا الأعظم قدّس سرّه ومن تأخر عنه البحث في الاستصحاب بخاتمة تعرضوا فيها لكثير مما ينبغي التعرض له في أصل الكلام في الاستصحاب ، كتحديد أركانه وموضوعه ونسبته مع الطرق والأصول الاخرى وغير ذلك مما تقدم منا التعرض له في المحل المناسب من المقامين الأولين.
والذي ينبغي له التعرض له هنا تبعا لهم القواعد التي تقدّم عملا على الاستصحاب ، لأهمية الكلام فيها ، مع تحقق شيء من المناسبة بينها وبين الاستصحاب.
وقد تقدم منا في أواخر المقام الثاني أن الاستصحاب متأخر في مقام العمل عن الطرق والامارات ، كما أنه مقدم على غيره من الأصول التي موضوعها الشك ، كالبراءة والاحتياط.