فرض حجيتها ذاتا ، خلافا لما ذكره بعض الأعاظم قدّس سرّه ، لأن امتناع ملكيته فعلا بعد ملكية السابق من دون سبب ناقل إنما يوجب توقفها على وجود السبب الناقل واقعا ، لا على دعواه.
نعم ، لو ادعى عدم السبب الناقل كان مكذبا لدعواه ومسقطا ليده عن الحجية ، لمنافاة مقتضاها لاقراره.
ثم إنه لو فرض التنافي بين دعوى الملكية الفعلية التي هي مقتضى اليد والإقرار بملكية الغير سابقا من دون دعوى السبب الناقل ، فحيث كان منشأ التنافي هو امتناع انتقال المال من دون سبب ناقل ، فلا فرق بين الإقرار والبينة وعلم الحاكم بسبق ملكية الغير ، وحيث كانت كلها مقدمة على اليد ، ولا يختص الإقرار بينها بذلك ، فالفرق بينه وبينها لا تقتضيه القواعد المعول عليها ، بل يحتاج لدليل خاص.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدّس سرّه في وجه الفرق من أن انقلاب الدعوى (١) ليس من آثار الواقع ، بل من آثار نفس الإقرار ، حيث يؤخذ المرء بإقراره ولو مع العلم بمخالفته للواقع ، كما لو أقر بعين لاثنين على التعاقب.
فهو كما ترى لا يرجع إلى محصل ظاهر ، فإن الإقرار من الطرق الظاهرية ، فلا يقدم على العلم.
والإقرار بعين واحدة لاثنين على التعاقب إنما يكون نافذا في حق كل منهما ، لعدم الأثر للعلم الإجمالي بكذب أحد الإقرارين في حق كل منهما ، كي يمنع من نفوذ الإقرار في حقه ، فلو كان له أثر لم ينفذ له إلا أحد الإقرارين ، كما
__________________
(١) مصب كلامه هنا وإن كان في انقلاب الدعوى لا في تكذيب اليد ، إلا أنه ذكر انقلاب الدعوى فرارا عن محذور التكذيب ، بزعم ان دعوى الملكية الفعلية لا بدّ أن ترجع إلى دعوى حصول السبب الناقل ، إذ لو لم ترجع لذلك لزم تكذيب اليد وسقوط الدعوى رأسا ، لاستحالة انتقال المال من دون سبب ، وهذا جار ـ كما عرفت ـ في غير الإقرار ، ولا بدّ في الفرق من فارق ، فلاحظ.