وإن اريد بها العلم بتعمده للعمل من دون بصيرة وجهلا بالصحيح الشرعي ، إما اتكالا على المصادفات في إصابته أو لتعمد ميزان آخر غير الميزان الشرعي ، خروجا عن مقتضى وظيفته من إحراز الخصوصيات المعتبرة في صحة عمله فلا يتضح من سيرة العقلاء والمتشرعة البناء على صحة العمل لو احتمل مصادفته للصحيح شرعا ، بل الظاهر منهم التوقف فيه ، ولا أقل من الشك في بنائهم على الصحة الملزم بالتوقف عن جريان القاعدة ، والرجوع لمقتضى الأصول الاخرى القاضية بالصحة أو البطلان.
وأما الصورة الثالثة فهي على أنحاء ..
الأول : أن يعلم بإصابته في تشخيصه.
الثاني : أن يشك في ذلك.
الثالث : أن يقطع بخطئه فيه.
والأول متيقن من مورد القاعدة. وأما الثاني فالظاهر عموم القاعدة له بالنظر للسيرة المشار إليها ، لغلبة عدم تيسر المعرفة بحال الفاعل وكيفية تشخيصه ، نظير ما ذكرناه آنفا.
نعم ، أشار شيخنا الأعظم قدّس سرّه إلى دعوى : أن مقتضى القاعدة البناء على صحة تشخيصه وعدم خطئه في اعتقاده ، فيكون نظير الوجه الأول الذي فرض فيه العلم باصابة تشخيصه ، ويكون البناء على صحة عمله متفرعا على ذلك ، لا لجريان قاعدة الصحة في العمل مع الجهل بحال تشخيص حال الفاعل رأسا.
لكن أصالة الصحة في الاعتقاد وعدم الخطأ فيه قد تتم في الامور الحسية أو القريبة من الحس ، دون الامور الحدسية ، لعدم وضوح جريان أصالة عدم الخطأ في الحدسيات ، سواء شك في مطابقة مقتضى الحدس المعلوم للواقع المجهول ـ كما في الاجتهاد في الحكم الشرعي ـ أم في مطابقة مقتضى الحدس المجهول للواقع المعلوم ، كما في المقام ، لو فرض تشخيص المكلف المبتلى