الابتلاء بأعمالهم في عصور المعصومين عليهم السّلام فلو لم تجر القاعدة فيها لظهر ذلك وكثر السؤال عنه والتنبيه عليه ، بل لاختل نظام أمر المؤمنين ووقعوا في أعظم الحرج ، وحيث لم يقع شيء من ذلك كشف عن عموم سيرتهم. كما هو الحال في السيرة الفعلية ، بين المؤمنين أنفسهم حيث لا إشكال في جريهم على القاعدة من دون توقف أو فحص ، مع وضوح اختلاف أفراد الطائفة الحقة في الاجتهاد والتقليد اختلافا فاحشا.
بل لو لا ذلك لم تجر القاعدة في الفرض الثاني بعد ما عرفت من عدم جريان أصالة الصحة في الاعتقاد معه ، لاشتراكه مع هذا الفرض في عدم المحرز لصحة العمل ، بل هي تبتني فيهما على الصدفة ، وقد عرفت وضوح جريانها في الفرض المذكور.
نعم ، مع العلم بمخالفة اعتقاد الفاعل للواقع بنحو يلزم من جريه على اعتقاده فوته ، لعدم الجامع بينهما في مقام العمل ، كما لو وجب العقد بالعربية ، وكان موقع العقد فارسيا يعتقد وجوب إيقاع العقد بلغة الموقع ، أشكل جريان أصالة الصحة في عمله لو احتمل صحته ، لمخالفته في عمله لاعتقاده عمدا أو غفلة.
لأن ندرة الفرض المذكور مانع من إحراز السيرة فيه ، كما أن ظهور حاله في متابعة اعتقاده مانع من إحراز عموم الارتكاز الذي تبتني السيرة عليه ، فيتعين التوقف فيه.
وإن لم يبعد الاقتصار على ما إذا كان ظاهر حال الفاعل جريه على معتقده واقتصاره عليه ، دون ما إذا احتمل احتمالا معتدّا به خروجه عنه ، أو جمعه بين مقتضاه ومقتضى الواقع احتياطا.
ثم إنه لا يفرق في جميع فروض المسألة بين العلم بمعذورية الفاعل في اعتقاده ، والعلم بتقصيره فيه والشك في ذلك ، لعدم دخل المعذورية في الاعتقاد