قال : «لأن الأصل براءة الذمة فيستصحب. وكذا الأصل عدم البلوغ. وليس لمدعي أهليته للضمان حين وقوعه ـ وهو المضمون له ـ أصل يستند إليه ، ولا ظاهر يرجع إليه يكون معارضا للأصلين السابقين.
فإن قيل : له أصالة الصحة في العقود ، وظاهر حال العاقد الآخر أنه لا يتصرف باطلا.
قلنا : الأصل في العقود الصحة بعد استكمال أركانها ، ليتحقق وجود العقد ، أما قبله فلا وجود للعقد ، فلو اختلفا في كون المعقود عليه هو الحرّ أم العبد ، حلف منكر وقوع العقد على العبد. وكذا الظاهر انما يثبت مع الاستكمال المذكور ، لا مطلقا».
بل قد يظهر ذلك من العلامة في القواعد ، حيث ذكر أنه ليس لمدعي أهليته أصل يستند إليه ولا ظاهر يرجع إليه ، بخلاف ما لو ادعي شرط أمر مفسد ، لأن ظاهر حال المتعاقدين أنهما لا يتصرفان باطلا.
ولعله راجع إلى أنه لا بدّ في جريان القاعدة في العمل من إحراز أركانه المقومة له بنوعه ، كالايجاب والقبول والقصد ، وبشخصه ، كالثمن والمثمن الخاص لو تعلق الغرض به ، فلا تجري في بيع العبد إلا بعد إحراز وقوع العقد عليه ، لأن صحة الخاص فرع ثبوته ، وصحة أصل العقد لا تثبت خصوصيته ، ليترتب أثرها.
نظير ما تقدم من أن كل ما يكون مقوما للعمل المقصود ، بحيث يتوقف صدق عنوانه على قصده لا تحرز القاعدة قصده ، بل لا تجري إلا بعد إحراز قصده.
ولعل جعله البلوغ من الأركان لأجل سقوط قصد الصبي وعبارته عندهم ، ولذا حكم في القواعد بعدم صحة ضمانه حتى باذن الولي ، فلا يحرز مع احتمال الصبا حين الإيجاب الذي هو من أهم أركان العقد.