والذي ينبغي أن يقال فيها : إن الاقوال والاعتقادات لو فرض ترتب الأثر عليها بنفسها وكانت مقيدة بقيود خاصة ، كانت كسائر الأفعال معروضة للصحة والفساد بلحاظ واجديتها للقيود المعتبرة في ترتب الأثر وفاقديتها لها ، فتجري فيها أصالة الصحة لو فرض إحراز موضوعها ، وهو الإتيان بالفعل بالعنوان الذي يؤخذ في موضوع الأثر ، كما لو احتمل لحن القارئ في قراءته المفروضة عليه التي فرض قصده لها.
لكن لا يتضح الفرض المذكور في الاعتقادات ، لأن الامور التي يجب الاعتقاد بها لا يشك في صحة الاعتقاد بها ، بل في تحققه ، ولم يؤخذ في موضوع التكليف عنوان خاص يحرز من المكلف قصده ويشك في مطابقة ما وقع له ، فإن مثل عنوان الاعتقاد بأصول الدين ليس مأخوذا في موضوع التكليف الشرعي ، ليتحقق موضوع القاعدة في فرض قصد المكلف له والشك في خطئه فيه ، وإنما هو من العناوين الانتزاعية مما يجب الاعتقاد بذاته ، ـ كالنبوة والامامة ـ ويشك في تحققه ، لا في صحته.
نعم ، لو قيل بتوقف الإسلام مثلا على الاعتقاد باصوله عن برهان ، وعلم من حال الشخص قصده الاعتقاد المحقق للإسلام ، وتحقق منه الاعتقاد باصوله ، وشك في تحقق قيده المذكور ، اتجه بمقتضى القاعدة البناء على تحققه والحكم باسلامه.
لكن الظاهر أنه يكفي في الإسلام الاعتقاد باصوله ، وإن لم يكن عن برهان ، فلا يتحقق فيه موضوع القاعدة.
هذا ، وفي ما عدا ذلك فالأقوال والاعتقادات ..
تارة : يشك في وقوعها على الوجه المباح أو المحظور ، كما لو تردد الخبر بين الكذب الحرام والكذب المباح للإصلاح أو التقية ، أو تردد الاعتقاد الخاطئ بين ما يكون عن تقصير وما يكون عن حجة معذرة.