إلى تأمل وإن لم يستبعد حصوله ، مع ظهور حصول الملاك الذي ذكرناه ، فإن هذا قد ينافي ما ذكرنا. لكن لا مجال للخروج بذلك عما تقدم. بل لا بد من حمل المقتضي في كلامهم على ما يعم القابلية المذكورة.
إذا عرفت هذا ، فاعلم : أنه قد يستدل على التفصيل المذكور بوجوه ..
الأول : ما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه من أن حقيقة النقض رفع الهيئة الاتصالية ، كما في نقض الحبل وحيث يعلم بعدم إرادة المعنى المذكور ، لعدم فرض الاستمرار في اليقين لا بنفسه ولا بلحاظ المتيقن ، تعين حمله إما على رفع اليد عن الأمر الذي من شأنه الثبوت والاستمرار ، لثبوت مقتضية ، أو على مجرد رفع اليد عما كان ثابتا ولو مع عدم المقتضي له.
والأظهر الأول ، لأنه أقرب إلى المعنى الحقيقي ، فيلزم لأجله رفع اليد عن إطلاق اليقين وتقييده بصورة وجود المقتضي.
وفيه .. أولا : أن النقض رفع الأمر المستحكم ، ففي لسان العرب : «النقض إفساد ما أبرمت من عقد أو بناء. وفي الصحاح : النقض نقض البناء والحبل والعهد. غيره : النقض ضد الابرام» وقريب منه في مفردات الراغب والقاموس. وعليه جرى قوله تعالى : (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً)(١) ، وغيره من موارد استعماله في الكتاب العزيز.
وإطلاقه في الحبل بلحاظ إبرامه وتماسكه لا محض اتصاله ، ولذا لا يصدق مع عدم تماسكه. وعليه لا يكفي كون الشيء من شأنه البقاء لو لا الرافع ، كالعدم ، بل لا يكفي وجود مقتضي البقاء له ، كجاذبية الأرض المقتضية لبقاء الحجر في مكانه ، بل لا بد من استحكامه وإبرامه ، وهو أخص من المدعى.
وأما استعماله في النصوص في مثل نقض الوضوء مما يكون من شأنه البقاء من دون استحكام ، فهو لا يشهد بالاكتفاء بذلك في المعنى الحقيقي ، بل
__________________
(١) النحل : ٩٢.