وهذا في الحقيقة خروج عن الاستصحاب ، ورجوع إلى قاعدة اليقين بحمل اليقين على اليقين المنتقض بالشك والزائل معه ، المتفق معه موضوعا حتى بحسب الزمان. لكن مع تقييدها بخصوص الشك في البقاء مع استحكام اليقين بالحدوث المعتبر في الاستصحاب.
وهو ـ كما ترى ـ مما لا يلتزم به ، ولا مجال لحمل النصوص عليه ، إذ ليس فيها إلا يقين واحد ، فإما أن يحمل على اليقين المتحد مع الشك في المتعلق حتى بحسب الزمان ، والذي يزول معه ، فيفيد قاعدة اليقين على إطلاقها ولو مع الشك في أصل الحدوث ، أو على اليقين المتحد مع الشك في المتعلق من حيثية الذات دون الزمان والذي يبقى معه ، فيفيد الاستصحاب على إطلاقه ، ولو مع عدم سبق اليقين بالبقاء ، ولا ريب في تعين الثاني ، كما يظهر مما تقدم في رواية الخصال.
ومما ذكرنا ظهر أنه لا مجال لاصلاح الوجه المذكور بحمله على لزوم كون زمان الشك متعلقا لليقين تسامحا بسبب إحراز المقتضي ، لا حقيقة ليتوجه عليه ما تقدم.
لاندفاعه : بأن متعلق النقض في النصوص هو اليقين السابق ، وهو اليقين بالحدوث المفروض وجوده فعلا حين الشك ، لا اليقين بالبقاء ، ليكون تعذر وجوده الحقيقي مع الشك ملزما بالتنزل لوجوده التسامحي الناشئ من فرض المقتضي حينه مع أن كون وجود المقتضي مصححا للتسامح في وجود اليقين لا يخلو عن خفاء بعد كون المقتضي دخيلا في وجود المستصحب ثبوتا ، ولا سنخية بينه وبين اليقين به ، لأنه من شئون مقام الإثبات ، كما تقدم في الوجه الأول.
الثالث : أن المصحح لإسناد النقض في أدلة الاستصحاب إلى اليقين مع ارتفاعه حقيقة هو الملازمة الادعائية بين اليقين بالحدوث واليقين بالبقاء