الاستصحاب فعليا ، وإن لم يكن هناك ثبوت واقعي أو إحراز له ، لعدم توقف الملازمة على وجود طرفيها.
قال : «هل يكفي في صحة الاستصحاب الشك في بقاء شيء على تقدير ثبوته وإن لم يحرز ثبوته في ما رتب عليه أثر شرعا أو عقلا .. فيكفي الشك فيه على تقدير الثبوت ، فيتعبد به على هذا التقدير ، فيترتب عليه الأثر فعلا في ما كان هناك أثر ... فتكون الحجة على ثبوته حجة على بقائه تعبدا للملازمة بينه وبين ثبوته واقعا ...».
ومن ثمّ أورد عليه بعض الأعاظم قدّس سرّه : بانه لا معنى للتعبد بالبقاء على تقدير الحدوث ، فإن الملازمة كالسببية لا تنالها يد الجعل ، بل ما يقبل الجعل هو التعبد بوجود شيء على تقدير آخر ، فتنتزع منه السببية والملازمة.
لكن من البعيد جدا إرادة المحقق الخراساني قدّس سرّه لذلك ، لما هو المعلوم من مذهبه في مثل السببية والملازمة من كونها منتزعة لا مجعولة.
بل من القريب جدا إرادته ما ذكرنا من أن مفاد الاستصحاب نفس التعبد بالبقاء في فرض الثبوت الواقعي ، الذي هو منشأ انتزاع الملازمة المذكورة ، فلا يكون فعليا إلا مع فعلية الثبوت ، وإن لم يمكن العمل عليه إلا بعد إحراز الثبوت ، لتوقف العمل بالحكم وتنجزه على إحراز موضوعه ، وعمدة ما يريد التنبيه عليه أن اليقين ليس دخيلا في الموضوع ، بل طريقا له.
وكيف كان ، فالظاهر أن الوجه المذكور ممكن في نفسه ، وكان المناسب لبعض الأعاظم قدّس سرّه التنبيه له وعدم الاقتصار على منع جعل الملازمة.
نعم ، الوجه المذكور مخالف لظاهر الأدلة ، لظهورها في موضوعية نفس اليقين للاستصحاب ، وحملها على كون ذكره لمحض الطريقية وأن الموضوع نفس الثبوت مخالف لظاهرها.
وثبوت ذلك في أدلة الأحكام الواقعية التي تقتضي المناسبات الارتكازية