أو الجمع بين الأدلة تبعيتها للواقع ، نظير قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ...)(١) ، لا يقتضي البناء عليه في ما نحن فيه ونحوه من موارد الأحكام الظاهرية الراجعة إلى مقام الإحراز والتابعة للعلم ونحوه ارتكازا.
بل نصوص المقام تأبى ذلك بعد تضمنها التعبد بالاستصحاب بلسان عدم نقض اليقين بالشك ، الظاهر في دخل اليقين بنفسه في الإحراز ، كما سبق.
ومن ثمّ تقدم في التمهيد أنه لا بد من أخذ اليقين في تعريف الاستصحاب ، ولا مجال لتعريفه بأنه إبقاء ما كان. فراجع.
الثاني : أن مفاد أدلة اعتبار الطرق والأمارات تنزيلها منزلة العلم شرعا ، فتشاركه في أحكامه الشرعية ، ومنها عدم النقض بالشك ، الذي هو مفاد الاستصحاب.
ونحوه دعوى ظهورها في جعلها علما تعبدا فتلحقها أحكامه.
ويظهر الجواب عن ذلك بمراجعة ما تقدم منّا في الفصل الثالث من مباحث القطع عند الكلام في القطع الموضوعي ، حيث أطلنا الكلام هناك في حال المبنيين المذكورين وغيرهما.
الثالث : أن مفاد أدلة اعتبار الطرق والأمارات تنزيل مؤدياتها منزلة الواقع ، فتجري عليها أحكامه ، ومنها حرمة النقض ، بناء على أن حرمة النقض في الاستصحاب من أحكام نفس المتيقن لا اليقين.
وفيه : ـ مع أنه لا مجال لاستفادة التنزيل المذكور ، نظير ما تقدم في الوجهين السابقين ، وأن حرمة النقض من آثار اليقين لا المتيقن ، كما تقدم في رد القول باختصاص الاستصحاب بالشك في الرافع ـ أن الواقع التنزيلي وهو مؤدى الطريق يقطع بانتقاضه بانتهاء أمد الطريق ، وما يحتمل انتقاضه
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.