الفكري في العقيدة والجانب العملي في الممارسة.
وقد طرح القرآن للجانب العملي نموذجين :
أحدهما : يمثل تعبيرا للإنسان عن جانب ممارسته العقدية في حركات تعبيرية ، تتجسد فيها معاناته الداخلية للإيمان ، وتنسجم فيها روحه مع تطلعاتها وإحساسها الحي بارتباطها العميق بالله ، وذلك لحاجة التكامل الإيماني لديه إلى الممارسة العملية ، والتعبير المتجسد الذي تنساب فيه الإيحاءات الخفية في النفس ، من خلال الكلمة والحركة والموقف والشعور ، مما يفسح في المجال للنفس لتواجه الموقف الإيماني من عمق الإحساس الذاتي بالفكرة ، لا من خلال الإيحاء والتوجيه الخارجي.
إنه موقف العطاء الذي يتفجر كالينبوع من النفس ، لا موقف التلقي والأخذ من عطاء الآخرين ، وهذا هو ما تعبر عنه الصلاة في روحيتها المنسابة مع كل كلمة من كلماتها ، أو حركة من حركاتها ، ليتحسس الإنسان معها العلاقة بالله ، كما لو كانت شيئا يتجسد ويحس ويتحول إلى فعل محبة وعبادة وصداقة ، واستغراق للروح في وعي القيم الكبيرة المنطلقة من خلال الله ، واستشعار لمسؤولياته عن المعاني الكبيرة في الحياة ، من خلال الموقف الحق الذي يقفه بين يدي الله في استعادته لعملية الإيمان ، وليعيش القوة ، أمام نوازع الضعف ، وتحديات القوى ، لئلا يبقى بعيدا عن مصدر القوة التي تسنده ، وتدعم وجوده وموقفه ، وترعاه في كل مجالاته ، فيستطيع أن يحقق التماسك والانضباط بين يدي الله.
ثانيهما : ما يؤكده قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) من تكامل بين علاقة الإنسان بالله وعلاقته بالحياة.
فهذه الآية تؤكد بأن على الإنسان أن يعيش العطاء ، فيعطي مما رزقه الله ، لأن كل ما في الكون هو لله تعالى ، وكلّ ما يقع تحت يديه هو لله تعالى ،