بين الهدى والضلال.
والآن نحن مع الجواب.
قلنا : إنّنا لا نستطيع تصور مسألة الظاهر والباطن بالطريقة المادية التي تجعل للّفظ طبقتين من المعنى ، تماما كما هو ظاهر الشيء وباطنه ، الذي تتعدد فيه العناصر ، وتتنوع فيه الخصائص ، أو كما هو الظهر الذي يمثّل جانبا من الجسد يختلف عن الباطن الذي يمثّل جانبا آخر ، فهناك حالتان عضويتان متعددتان ، لأنّ اللفظ حالة صوتية بسيطة توحي بحالة ذهنية مماثلة فيما هو المألوف من الطريقة المألوفة في اللغة العربية ، لذلك لا بدّ من استنطاق هذا المصطلح على أساس إرادة المعنى الواحد الذي تختلف طريقة فهمه تبعا لاختلاف ثقافة ، الإنسان الذي يعيه في معرفته بخصائص الأشياء ، تماماً كما يتصور بعض النّاس الشمس ، من خلال شكلها البارز ، بشكل سطحي ، بينما يتصورها بعض آخر ، من خلال عمق تكوينها وطبيعتها وآثارها ، بشكل عميق شامل بالمقدار الذي توصّل العلم إلى معرفته ، مما قد يخيّل إلينا أنّ هناك معنيين مختلفين من جهة اختلاف حجم الصورة أو طبيعتها المنطبعة في الوعي الفكري للإنسان ، في الوقت الذي تتمثل فيه القضية في معنى واحد مختلف الجوانب.
وقد تكون المسألة المعنى الجزئي الذي تمثّله الآية في مواردها المتحركة في الواقع في عصر النزول ، أو في مواقع النزول ، والمعنى الكلّي الذي يطل على كلّ المفردات التي تختزن مفهومه وخصوصيته الشاملة ، في الماضي والحاضر والمستقبل ، ليكون المعنى الظاهر هو المعنى الجزئي المنفتح على الحاضر ، أمّا المعنى الباطن ، فهو المعنى المنفتح على الصورة الكلية المفتوحة على المستقبل ، حتى لا يتجمد القرآن في الموارد التي نزل فيها ، بل يمتدّ ، على مستوى القاعدة الكلية ، إلى كلّ الموارد المماثلة ، في الحوادث