والظاهر أنّ المراد من التأويل الأعظم هنا هو المفهوم الأعمق بما يتسع له إيحاء الآية ، لأنّ قيمة الحياة تتمثل في ما تحققه من الارتباط بالله والسير على هداه ، فلا قيمة لها إذا كانت سائرة في خبط عشوائي في الضلال.
وقد حاولنا في هذه الدروس التفسيرية أن نستوحي القرآن في مفاهيمه الأصلية الحية لنجعل حياتنا تتحرك في إطاره في ما نواجهه من قضايا ومشاكل وأوضاع جديدة ، وذلك من خلال استيحاء المعاني القرآنية في الجانب الأعمق والأوسع للفكرة.
وإنّنا لا نريد الادعاء بأنّ هذه المحاولات التفسيرية تمثّل شيئا جديدا في التفسير ، بل الغالب في ما عالجناه كان من إفادات المفسرين والمحققين في هذا المجال .. وليس لنا من ذلك إلّا بعض الاستنتاجات والانطباعات والاستيحاءات ، لأنّه لم يكن كتابا يكتب ، بل كان دروسا تلقى على طلابنا الأعزاء فيسجلونها في أشرطة تسجيل ثم يكتبونها ويقدمونها إليّ فألاحظها ملاحظات سريعة حسب ما يتسع لي الوقت.
وكل ما أرجوه أن تحقق هذه المحاولات بعضا من جدّة العرض والأسلوب ، وبعضاً من حركية التفسير في واقعنا المعاصر الذي تحتاج الدعوة الإسلامية فيه إلى ان تحرك القرآن في حياتها في كلّ مجالاتها العملية في الطريق وفي الهدف ، إنّها « من وحي القرآن » ، وسيبقى القرآن يوحي ما دامت للحياة مسيرة نحو الله ، وما دامت الإنسانية تبحث عن الهدف الأسمى الذي يحقق لها التكامل في السعادة التي تربط الدنيا بالآخرة ، والروح بالمادة ، والفرد بالمجتمع ، وذلك هو الإسلام في معناه الكبير ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
بيروت ٢٠ رجب ١٣٩٩ ه.