الحياة كلها بالله ، في مواجهة الشرك الذي يجعل الإنسان موزعا بين الأهواء المختلفة ، والخطوط المتباينة ، والانتماءات المتنوعة ، مما يوقعه في الحيرة ، ويسلمه للضياع. وهذا هو ما توحي به الآية وما بعدها ، وما تدل عليه الآيات المتعددة المتفرقة في أكثر من سورة في الحديث عن ملّة إبراهيم حنيفا ، التي تلتقي مع هذه الآية في الجوّ وفي بعض مفردات التعبير ، وما تؤكد عليه الآيات المتحدثة عن دعوة الأنبياء التي تلتقي عند نداء واحد حول عبادة الله الواحد الذي لا إله غيره.
وقد وردت الأحاديث عن أئمة أهل البيت لتؤكد ذلك ، كما جاء في حديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله «جعفر الصادق» عليهالسلام قال : قلت : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : التوحيد (١).
وفي الدر المنثور روى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) قال : دين الله (٢).
والظاهر أن هذه الرواية لا تنافي ما قلناه ، لأن دين الله الذي أراد لكل رسله أن يبلغوه هو التوحيد في العقيدة وفي العبادة ، الذي تتفرع منه كل التفاصيل في دائرة المبدأ.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٦ ، ص : ١٩١.
(٢) الدر المنثور ، ج : ٦ ، ص : ٤٩٣.