فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) في ما يتمثل من المشاكل الصعبة ، والأزمات المعقدة ، والأمراض والحروب واختلال الأمن وغير ذلك ، مما يجعل الكرة الأرضية في جميع مواقعها البرية والبحرية ساحة للفساد الأمني والاجتماعي والاقتصادي والصحي والفكري ، مما يتصل اتصالا طبيعيا بحركة الإنسان في إدارة شؤونه وحركة الحياة من حوله (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) فإن سنة الله في الكون اقتضت أن يكون الإنسان هو الذي يحرّك أوضاع حياته على خط السلبية عند ما يبتعد عن دائرة المسؤولية الإنسانية في نطاق القيم الروحية المنطلقة من وحي الله ، أو على خط الإيجابية عند ما يلتقي بالله في ما يريده من الخير للإنسان وللحياة.
وهذا ما أكده الله في أكثر من آية في قوله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ) [النحل : ١١٢].
وأشار في آية أخرى إلى أن الإنسان هو صانع التغيير ، في ما تنطلق به إرادته ، وتتحرك به خطواته كما في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد : ١١].
ويشير في آية أخرى إلى الجانب السلبي في التغيير حيث تتحرك إرادة الله في العمق من خلال إرادة الإنسان بشكل مباشر ، على أساس أن الله يريد للإنسان من ناحية تكوينية ما يريده الإنسان لنفسه ، ليكون هو الذي يتحمل مسئولية عمله (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) [الأنفال : ٥٣].
(لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ليعيشوا الواقع الصعب في نطاق المعاناة الجسدية في ما يتصل بآلام الجسد ، والمعاناة الروحية في ما يتصل بالنتائج المعنوية والمادية في المؤثرات الفكرية والشعورية في حياته ، ليكون ذلك أساسا لإعادة النظر بكل الأوضاع والممارسات المنحرفة على ضوء