واختيارها في ما تريد وما لا تريد ، أو في الأوضاع الصاخبة التي تدفع إلى الجنون في الإحساس ، والصخب في الانفعال ، والتوتر في المشاعر ، وتثير الضباب الذي يفقد معه الوضوح في داخل الإنسان ، أو في الأفلام والمشاهد الخليعة المثيرة التي تحتوي الكيان الإنساني في عملية استلاب للعقل وللتركيز والتوازن في الشعور.
وكلمة الشراء في قوله «يشتري» لا يراد منها معناها الحرفي بل معناها الكنائي الذي يعبّر عن الوسيلة التي يحصل بها على هذا النوع من لهو الحديث.
(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) الذي يقود الناس إلى الله في الفكر والشريعة والمنهج والطريق والغاية ، فيكون اللهو المتنوّع في الكلمة واللحن والجوّ والحركة والشكل والمضمون ، وسيلة من وسائل الإضلال من خلال انشغال الإنسان بها عن الرسالة والمصير ، أو من خلال اختزانه للمشاعر والأفكار المضادة ، أو تحريكه للنوازع المنحرفة ، أو تحضيره للأجواء المعقّدة البعيدة عن مواقع الشروق وينابيع الصفاء ، (بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً) لأن مسألة هؤلاء الذين يعملون على إضلال الناس ليست مسألة العلم الذي يرتكزون عليه في مضمون حركتهم وخط فكرهم ، لأنهم لم ينطلقوا في ذلك من مواقع القناعة العلمية المرتكزة على الدليل ، بل من التخلف القائم على الجهل المتحرك في تقليد الآباء الذين لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ، ومن الأطماع الذاتية ، والمصالح الشخصية والامتيازات الطبقية التي تحكم كل مواقف التأييد والرفض ، للأشخاص وللأفكار وللأهداف.
(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) في الدار الآخرة ، لأنهم حاربوا الله في كتابه ودينه من دون أساس من عقل ، ولا حجة من علم ، فكان موقفهم عدوانيا في شكله ومضمونه ، فاستحقوا العذاب المهين الذي يتناسب مع حقارتهم الروحية والعملية.
* * *