(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) ليستمع إليها ويتأملها ويفكر فيها ليكتشف من خلالها آفاق الحق والخير في آفاق الله ، وليعرف في مضمونها الخط الفاصل بين الحق والباطل (وَلَّى مُسْتَكْبِراً) في حركة سريعة هاربة لا تتوقف عند نداء العقل ودعوة الوجدان ، بل تثير الجوّ في صورة الإعراض الذي يوحي بالكبرياء المتمرّدة على الرسل في موقف استكبار ساذج ، تحت تأثير الفكرة التي تخيّل إليه ـ في طبيعتها ـ أنه أكبر من أن يسمع كلام الموعظة ، فيتحرك (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) وضجيجا يمنعه من السماع والتركيز على ما يسمع (فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) لأن ذلك هو ما ينتظره في مقابل هذا الموقف الأرعن المستكبر.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فانفتحوا على الإيمان من موقع الوعي ، وعلى العمل الصالح من موقع المسؤولية الإيمانية بين يدي الله ، (لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ* خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا) فقد وعد الله عباده بأن يمنحهم الجنة جزاء على إيمانهم وتقواهم ، وها هم يجدون صدق الله في وعده الحق ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الذي لا ينتقص المستكبرون الكافرون من عزته ، بكفرهم وضلالهم ، لأن ذلك لن يضره شيئا ، ولا يتمكنون من إخفاء حكمته عن العاقلين المفكرين ، أو إبطال مواقعها في كل شيء.
* * *