والمسؤولية ، وحركة الصفات الذاتية الأخرى في نطاق الصفات الإيمانية والعملية.
* * *
ثواب الذين آمنوا وجزاء الفاسقين
(أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) في ما يهيئه الله لهم من مساكن طيبة في جنته ، ومن مشتهيات لذيذة في داره ، (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ) التي يخلدون في عذابها ، فلا مجال للخلاص منها ، (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) فهذا هو الصدق الذي جاءكم به الأنبياء وتحدثت به الكتب المنزلة ، وها أنتم تواجهونه من موقع لذعات النار ولهيبها ، لا من موقع الكلمات التي تسمعونها ، (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) الأقل خطرا وتأثيرا على الجسد في آلامه ، في ما يحل بهم من بلاء الدنيا الذي هو (دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) الذي ينتظرهم في الآخرة (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) إلى الله وإلى طاعته ، بالإنابة إليه ، والتوبة مما أسلفوه من الذنوب. وهكذا يربّي الله عباده بالبلاء الذي قد يكون نوعا من العذاب في الدنيا ، ليذوقوا مرارته ، ويحسّوا بآلامه ، ويتذكروا به عذاب الآخرة ، فيرجعوا إلى الله بعد أن ابتعدوا عنه وتمردوا على طاعته.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) لأنه ظلم ربه بالكفر والمعصية ، في ما تمرّد عليه من حقه ، بأن يوحّده ولا يشرك به ، وأن يطيعه ولا يعصيه ، وظلم نفسه بذلك ، لأنه أفقدها الفرص الكبيرة في الحصول على نتائج السعادة الدنيوية والأخروية في مواقع الإيمان والطاعة ، وفي ما أوقعها في غضب الله وعذابه في الآخرة ، وظلم الحقيقة والحياة والناس ، بالتنكر لما ينفع