بالنبوّة ، وإنزال الكتاب على أيديهم في ما أنزله الله على موسى وعيسى ومحمدصلىاللهعليهوآلهوسلم فيما بعد.
(وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) في ما كرّمه الله به من كتبه المنزلة ، وفي تخليد السلام عليه وعلى آله في كل رسالاته ، ليكون ذلك ذكرا خالدا له في الناس ، ليذكروا روعة الإسلام لله في حياته ، وعظمة الجهاد في رسالته ، وصفاء التأمل في حركة فكره ، ووداعة المحبة في نقاء روحه ، (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) الذين ينالون كرامة الله في رضوانه وجنته ، في المجتمع المتوازن الذي يعيشون في داخله روحية صلاحهم بعيدا عن الاختلاط بالمجتمع غير الصالح ، في ما كانوا يعانون فيه من ضغط وخوف واضطهاد. فها هم في الجنة ، مسرورون برضوان الله ، منفتحون على بعضهم البعض في خير ولطف ومحبّة وأخوّة ، لم يعرفوا طعمها الحلو في الدنيا ، كما يعرفونه الآن.
ثم إننا نلاحظ أن الله يوحي إلينا بالحديث عن الأنبياء في اعتبارهم في الآخرة من الصالحين ، أنّ مجتمع الصالحين في الجنة لا ينفصل فيه الأنبياء عن المؤمنين الصالحين ، لأنه يتحدث أيضا في آية أخرى ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) [العنكبوت : ٩] ، كما يوحي بأن الصلاح في الفكر والخط والعمل هو العنوان الذي يفتح للإنسان أبواب الجنة ، من خلال الرسالة التي يحملها ويبلغها ، أو يؤمن بها ويؤيدها ويجاهد في سبيلها ، (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ).
* * *