الفكر وخطوط الإيمان.
وهناك التجربة العاطفية التي تقترب فيها الانفعالات من إيمانه ، على مستوى الحالة النفسية التي تتحرك من خلال النوازع الذاتية في علاقات الإنسان بأقربائه وأصدقائه ورغباته ، ممّا قد ينحرف به الإنسان عن خط الاستقامة في العاطفة ، فيحب من لا يحبه الله ، ويبغض من لا يبغضه الله.
وهناك التجربة الواقعية التي تتحرك فيها المصالح والأهواء والشهوات الذاتية ، لتعبّر عن نفسها في الضغوط العملية التي تضغط على المواقف الرسالية وتنحرف بالكثير من المواقع الإيمانية عن الاتجاه الصحيح ، وفي الاهتزازات الحركية التي تمنع الإنسان عن الثبات والتوازن والاستقامة في علاقاته وشؤونه وأوضاعه ، وفي التخطيط المعقّد الذي يخطط للمشاريع العامة والخاصة في دائرة العقد النفسية المنطلقة من الارتباكات الداخلية والخارجية المحيطة به.
وهكذا تتحرك كل هذه التجارب في حياته ، لتصنع له أكثر من عاصفة تهز أوضاعه الإيمانية ، فتزلزل عقيدته ، وتضلّل مسيرته ، وتبعده عن أهدافه .. ولتثير في حياته أكثر من عنصر من عناصر الإغراء التي تفتنه عن دينه ، وتوجهه إلى الخضوع للجانب الغريزيّ في حياته ، مما يوحي بأن إيمانه من صنف الإيمان المستودع الطارئ لا من صنف الإيمان العميق المستقر.
أما إذا تمرّد على الخضوع لذلك كله ، فاستقام في مواقع الانحراف ، وثبت في مواضع الاهتزاز ، واهتدى في الدروب الضائعة الى مواقع الهدى ، فإنه يؤكد صدق إيمانه ، وقوّة موقفه ، وسلامة خطّه.
* * *