بالحجاز فويق البقيع يقال له بقعاء ، فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوها ، وضلّت ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك ليلا ، فقال : مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة ، قيل : من هو؟ قال : رفاعة ، فقال رجل من المنافقين : كيف يزعم أنه يعلم الغيب ولا يعلم مكان ناقته ، ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي؟ فأتاه جبريل فأخبره بقول المنافق وبمكان الناقة ، وأخبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك أصحابه وقال : ما أزعم أني أعلم الغيب وما أعلمه ، ولكن الله تعالى أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي ، هي في الشعب ، فإذا هي كما قال ، فجاءوا بها وآمن ذلك المنافق ، فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد في التابوت ...
قال زيد بن أرقم : فلما وافى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة ، جلست في البيت لما بي من الهم والحياء ، فنزلت سورة «المنافقون» في تصديق زيد وتكذيب عبد الله بن أبيّ ، ثم أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأذن زيد فرفعه عن الرحل ثم قال : يا غلام صدق فوك ووعت أذناك ووعى قلبك ، وقد أنزل الله في ما قلت قرآنا. وكان عبد الله بن أبيّ بقرب المدينة ، فلما أراد أن يدخلها جاءه ابنه عبد الله ابن عبد الله بن أبيّ حتى أناخ على مجامع طرق المدينة فقال : ما لك ويلك؟ فقال : والله لا تدخلها إلا بإذن رسول الله ولتعلمن اليوم من الأعز ومن الأذل ، فشكا عبد الله ابنه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأرسل إليه أن خلّ عنه يدخل فقال : أما إذا جاء أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنعم ، فدخل ، فلم يلبث إلا أياما قلائل حتى اشتكى ومات.
فلما نزلت هذه الآيات وبان كذب عبد الله قيل له : نزلت فيك أي شداد فاذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يستغفر لك ، فلوى رأسه ثم قال : أمر تموني أن أؤمن فقد آمنت ، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت ، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد فنزل : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) إلى