ووضوح عن الفئات التي تلتزم بالكفر والشرك بكل مواقعه ومواقفه ، هل هذا كله نهج جديد لا مثيل له في التاريخ ليكون حدثا مثاليا لا يقترب من الواقع ، أو هو صورة حية لحدث تاريخي عاش الفكرة في حجم القدوة ، وعاشت القدوة فيه من أجل أن تصنع للمستقبل صورة مماثلة للماضي؟
* * *
إبراهيم ومن معه ، هم القدوة الحسنة للمسلمين
هذه هي صورة الماضي كما جسدها النبي إبراهيم عليهالسلام ، والمؤمنون معه ، فما ذا حدث لهم؟ (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ) لأن مسألة الانتماء من وجهة نظر الدين تتجاوز الأطر المادية كالأرض ، أو الصلات الترابية كالصلات العائلية ، أو ما عداها من أطر تضيق وتتّسع بحسب مكوناتها وطبيعة عناصرها الجامعة ، كالروابط العشائرية أو الوطنية أو القومية ، تتجاوزها إلى الإطار العقائدي والروابط الدينية. فبالنظر الإسلامي ، فإن الارتباط العقائدي هو الأساس الذي يمنح الهداية الحقيقية للإنسان ، ويوفر له الاستقرار والسعادة في الدارين ، وذلك على النقيض تماما من الكفر والشرك اللذين يجعلان الإنسان يتخبط في الضلالة خبط عشواء ، ولا يستقر على حال من القلق والخوف ، فلا يشعر بالأمن أو السعادة. من هنا ، فإن خط التوحيد وخط الكفر والشرك والوثنية ، لا يلتقيان ، وبالتالي لا يمكن للمؤمنين أن يرتبطوا بالمشركين لأنه لا يجتمع إيمان وكفر في موقع واحد ، أو في قلب واحد. ولما كان الإيمان بالله شعارنا ، وكان الشرك شعاركم ، فلا بد من إعلان البراءة منكم باعتبار انفصالكم عن الله ، (وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، لأن هذه الأصنام تمثل الزيف والباطل والانحطاط المعنوي عن مستوى العقل