إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) إنه الحب الإلهي الذي يفيض على عباده بالرحمة عند ما يتحركون للقتال في سبيله ، لا في سبيل عصبية ذاتية أو فئوية ، ولا في سبيل طمع شخصي ، بل من أجل الأهداف الكبيرة التي جعلها الله للجهاد في الحياة ، من أجل إقامة الحق وإزهاق الباطل وإعلاء كلمة الله وإسقاط كلمة الشيطان ، ليكون الدين كله لله ، من أجل مصلحة الحياة والإنسان.
وإذا كان القتال في سبيل الله ، فلا مجال لآية عقدة نفسية ذاتية تفسح المجال للاهتزاز في الموقف ، أو لآية ثغرة من ضعف تفتح الطريق ، فلا بد من أن يتضافر الجميع على نجاح المعركة وسدّ كل الثغرات فيها ، وتنظيم الوضع القتالي بالطريقة التي يأخذ فيها كل شخص موقعه بحيث يتكامل الجميع في أدوارهم ومواقعهم ومواقفهم ، فلا يتخلى أحد عن مكانه في داخل الخطة ، ولا يبتعد عن التعليمات التي تحدد له حركته في طبيعتها وشروطها ، تماما كما هو البنيان المرصوص الذي تتعاون لبناته على إقامته وتماسكه وقوته ، بحيث تؤدي كل لبنة دورها من خلال موقعها في هندسة البناء ، بحيث إذا تخلت عن موقعها أنهار البناء كله.
إنّها الصورة الحية للبناء الاجتماعي الذي يريد الإسلام إقامته في مجتمع الحرب ، كما يريد إقامته في مجتمع السلم ، انطلاقا من أن تحديات السلم في تركيز الوضع الإسلامي في الداخل في التخطيط الدقيق الشامل للبناء الاجتماعي والاقتصادي والروحي والثقافي ، قد تفوق تحديات الحرب ، مما يفرض بناء القوة الذاتية بشكل قوي.
* * *