فقال : يا أمير المؤمنين إني سمعت فلانا يقول : لو قد مات أمير المؤمنين لقد بايعت فلانا ، فقال عمر : إنني لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوا المسلمين أمرهم ، قلت : إن الموسم يجمع رعاع الناس ، ولكن أمهل حتى تقدم المدينة.
فلما قدم المدينة قال : إنه بلغني أن فلانا منكم يقول : لو قد مات أمير المؤمنين بايعت فلانا ، فلا يغرنّ امرأ أن يقول : بيعة أبي بكر كانت فلتة ، وقد كانت كذلك إلّا أن الله ـ تعالى ـ وقى شرها.
ثم قال : إن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة ، وتخلفت عنا الأنصار بأسرها في سقيفة بني ساعدة ، واجتمع المهاجرون إلى بيت أبي بكر ، فقالوا : يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار ، فانطلقنا نؤمهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة بين أظهرهم رجل متزمل ، قلت : من هذا؟
قالوا : سعد بن عبادة.
قلت : ما شأنه؟
قالوا : هو وجع.
فقام خطيب الأنصار ، ثم قال : نحن الأنصار ، وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر قريش رهط منا ، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا (١) ، فلما أردت الكلام قال أبو بكر : على رسلك ، فحمد الله أبو بكر ثم قال : لن تعرف العرب هذا الأمر إلّا لهذا الحي من قريش ، وإني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم ، وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح.
فلما قضى أبو بكر مقالته قام رجل من الأنصار فقال : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ، وإلا أحلنا الحرب فيما بيننا وبينكم جذعة (٢).
قال معمر عن قتادة : فقال : إنه لا يصلح سيفان في غمد واحد ، ولكن منا الأمراء ومنكم الوزراء.
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٣١ ـ أ].
(٢) انظر الطبري (٢ / ٤٤٦) ، وشرح النهج (١ / ١٥٠).