يجعل الله النساء كالعمومة والآباء ، ولا كالعصبة والأولياء ، لأن الله تعالى جعل العم أبا وبدأ به على الولد الأدنى ، ولو كان اختيار الله لهن على قدر قرابتهن لكانت آمنة أقربهن رحما وأعظمهن حقا ، وأول من يدخل الجنة غدا ، ولكن الله اختار لخلقه على قدر علمه الماضي منهم ، فأما ما ذكرت من فاطمة أم أبي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وولادتها ، فإن (١) الله لم يرزق من ولدها ذكرا ولا أنثى الإسلام ، ولو كان أحد من ولدها رزق الإسلام بالقرابة لكان عبد الله بن عبد المطلب أولاهم بكل خير في الدنيا والآخرة ، ولكن الأمر إلى الله ، يختار لدينه من يشاء ، قال الله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [القصص : ٥٦].
ولقد بعث الله نبيه محمدا وله عمومة أربعة ، وأنزل عليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤] ، فدعاهم فأنذرهم فأجابه اثنان أحدهما أبي ، وأبي اثنان أحدهما أبوك ، فقطع الله ولايتهما ولم يجعل بينه وبينهما إلّا ولا ذمة ، ولا ميراثا.
وزعمت أنك ابن أخف الناس عذابا (٢) ، وابن خير الأشرار ، وليس في الكفر بالله صغير ولا في عذاب الله خفيف «ولا قليل» (٣) ، ولا في الشر خيار ، ولا ينبغي لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفخر بالشر ، وسترد فتعلم ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧] (٤).
وأما ما فخرت به من أن فاطمة أم علي وأن هاشما ولده مرتين ، وأن عبد المطلب ولده مرتين ، فخير الأولين والآخرين رسول الله لم يلده هاشم إلا مرة ، ولا عبد المطلب إلّا مرة ، وزعمت أنك أوسط بني هاشم نسبا وأصرحهم أما وأبا ... إلى آخر ما ذكره (٥).
__________________
(١) نهاية الصفحة [٢٤٤ ـ أ].
(٢) في (ب ، ج ، د) : ابن أخف أهل النار عذابا.
(٣) ساقط في (ب).
(٤) ومعنى ذلك أي مرجع يرجعون إليه بعد الموت ، قال ابن عباس : إلى جهنم وبئس المصير ، انظر : تفسير الخازن (٣ / ٣٣٣ ـ ٣٣٦).
(٥) انظر بقية الرد في تأريخ الطبري (٦ / ١٩٧ ـ ١٩٩).