قال : رجل من المسلمين أمرتك بمعروف فاعرفه ، ونهيتك عن منكر فأنكره.
قال : فضربه بعمود كان معه حتى غشي عليه عامة النهار ، ودفعه إلى الربيع ، وهؤلاء الذين كانوا من الزيدية ، فقال لهم سليمان (١) : كونوا على عدة ، فإني أريد أن أنقب على هذا الرجل.
فأجابوه بأجمعهم ، واحتالوا حتى نقبوا المطبق وانفتح الحصن ، وخرج الحسن وعليه كساء أسود ، وقد ضرب شعره منكبيه ، وكان علاجهم في النقب نصف النهار لما أراد الله من إطلاقه وتسهيل أمره ، فبعث موسى بن زياد في «استئجار» (٢) حمار ، فأبطأ فأقبلت أنا والحسن نمشي ويتعقل (٣) لا يستطيع المشي ، والناس يستحثونه ، فقال : لست أقدر على الخطو.
فقالوا : أجهد نفسك واحمل عليها ، ففعل ، فلما انتهوا إلى قريب من الجسر أتي بحمارين فركب ومن معه ، ومضيا جميعا حتى (٤) دخل إلى منزل كان في خان الشاهين (٥) ، فنزل وأتي بابنه عبد الله وهو لا يعرفه ، فسلم عليه واعتنقا جميعا يبكيان وسليمان يبكي ، ثم تحمّل بعد إلى الحجاز ، فأقام بها على أمان المهدي ؛ حتى هلك عليهالسلام (٦).
__________________
(١) أي سلمان بن الجنيد ، وانظر تفاصيل أوفى عن ذلك في (الطبري (٦ / ٣٥٣) ، ابن الأثير (٥ / ٥١).
(٢) ورد في الأصل : كرى ، واللفظ غريب قريب للعامية.
(٣) يتعقل في مشيه أي يبطئ من مشيه نتيجة للوهن والإعياء الذي قد أصابه حين سجن ظلما.
(٤) نهاية الصفحة [٢٦٢ ـ أ].
(٥) خان الشاهين : أحد حارات بغداد في ذلك الوقت. وكلمة الخان كلمة أعجمية في الأصل ، وتطلق على المنازل التي يسكنها التجار.
(٦) انظر تفاصيل أوفى عن ذلك في تاريخ الطبري (٦ / ٣٥٣) ، ابن الأثير (٥ / ٥١) ، وكتب التاريخ المختصة بتلك الفترة.