[التوبة]
وعلى العبد أن يتقي الله في سر أمره وعلانيته ، ويستغفر الله ويتوب إلى الله من ذنوبه ، فإنه يقبل التوبة عن عباده ، بذلك وصف نفسه جل ثناؤه ، فقال : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (٨٢)) [طه : ٨٢]. ثم دعا عباده إلى التوبة ، ثم أخبرهم أنه يقبلها ، فقال : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠)) [هود : ٩٠]. وقال : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور : ٣١].
فمن تاب إلى الله قبل توبته ، وإن كانت ذنوبه عدد الرمل ، (١) وأكثر من ذلك ، لأنه كريم ، وهو بعباده رءوف رحيم ، يقبل التوبة ويقيل العثرة ، ويقبل المعذرة ، ويغفر الخطيئة ، إذا صحت من العبد التوبة. وقال جل ثناؤه : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (٧٠)) [الفرقان : ٦٨ ـ ٧٠]. ومن تاب من ذنبه ، قبل الله توبته وأحبه ، كذلك قال جل ثناؤه : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة : ٢٢٢]. يعني : المتطهرين من الذنوب. فمن أحبه الله لم يعذبه ، وكان من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وكان من أهل الجنة لا شك فيه. وكذلك أخبر تبارك وتعالى عن ملائكته : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ
__________________
(١) يشير إلى حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، ثلاثا غفر الله وإن كان عليه من الذنوب مثل رمل عالج. أخرجه محمد بن منصور المرادي في الذكر ٢٤٢ (٢٧٣) ، والترمذي ٥ / ٤٣٨ (٣٣٩٧) ، ورمل عالج هو : الصحراء الشرقية في الجزيرة العربية.