وزعموا أن إرادته من جنس إرادتنا ، وأنها حادثة فيه كما تحدث إرادتنا فينا ، وزعموا ـ لأجل ذلك ـ أن الله تعالى محل للحوادث ؛ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومنهم : الذين شبهوا كلام الله عزوجل بكلام خلقه ، فزعموا أن كلام الله تعالى أصوات وحروف من جنس الأصوات والحروف المنسوبة إلى العباد ، وقالوا بحدوث كلامه ، وأحال جمهورهم ـ سوى الجبّائى ـ بقاء كلام الله تعالى ، وقال النظّام منهم : ليس في نظم كلام الله سبحانه إعجاز ، كما ليس في نظم كلام العباد إعجاز ، وزعم أكثر المعتزلة أن الزنج ، والترك ، والخزر قادرون على الإتيان بمثل نظم القرآن وبما هو أفصح منه ، وإنما عدموا العلم بتأليف نظمه ، وذلك العلم مما يصح أن يكون مقدورا لهم.
وشاركت الكرامية المعتزلة في دعواها حدوث قول الله عزوجل ، مع فرقها بين القول والكلام في دعواها أن قول الله سبحانه من جنس أصوات العباد وحروفهم ، وأن كلامه قدرته على إحداث القول. وزادت على المعتزلة قولها بحدوث قول الله عزوجل في ذاته ، بناء على أصلهم في جواز كون الإله محلا للحوادث.
قلت : والكرامية أتباع محمد بن كرّام السجستاني الزاهد الضال المضل وكان من عباد المرجئة وكان مطرودا من سجستان إلى غرجستان ، وتبعه على بدعته خلق كثير.
قال صاحب «الفرق» فيهم : وضلالات أتباعه اليوم متنوعة أنواعا لا نعدها أرباعا ولا أسباعا لكنها تزيد على الآلاف آلافا ، ونذكر منها المشهور ، الّذي هو بالقبح مذكور.
فمنها : أن ابن كرّام دعا أتباعه إلى تجسيم معبوده ، وزعم أنه جسم له حد ونهاية من تحته والجهة التي منها يلاقي عرشه ، وهذا شبيه بقول الثنوية : إن معبودهم الذي سموه نورا يتناهى من الجهة التى تلاقى الظلام وإن لم يتناه من خمس جهات. وقد وصف ابن كرام معبوده في بعض كتبه بأنه جوهر كما