زعمت النصارى أن الله تعالى جوهر ، وذلك أنه قال في خطبة كتابه المعروف بكتاب «عذاب القبر» : «إن الله تعالى أحدىّ الذات أحدىّ الجوهر».
وأتباعه اليوم لا يبوحون بإطلاق لفظ الجوهر على الله تعالى عند العامة خوفا من الشناعة عند الإشاعة ، وإطلاقهم عليه اسم الجسم أشنع من اسم الجوهر ، وامتناعهم من تسميته جوهرا مع قولهم بأنه جسم كامتناع شيطان الطاق من الروافض من تسمية الإله جسما مع قوله بأنه على صورة الإنسان ، وليس على الخذلان في سوء الاختيار قياس.
وقد ذكر ابن كرام في كتابه أن الله تعالى مماس لعرشه ، وأن العرش مكان له ، وأبدل أصحابه لفظ المماسة بلفظ الملاقاة منه للعرش ، وقالوا : لا يصح وجود جسم بينه وبين العرش إلا بأن يحيط العرش إلى أسفل ، وهذا معنى المماسة التى امتنعوا من لفظها.
واختلف أصحابه في معنى الاستواء المذكور في قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى).
فمنهم : من زعم أن كل العرش مكان له ، وأنه لو خلق بإزاء العرش عروشا موازية لعرشه لصارت العروش كلها مكانا له ؛ لأنه أكبر منها كلها وهذا القول يوجب عليهم أن يكون عرشه اليوم كبعضه في عرضه.
ومنهم : من قال : إنه لا يزيد على عرشه في جهة المماسة ، ولا يفضل منه شيء على العرش ، وهذا يقتضي أن يكون عرضه كعرض العرش.
وكان من الكرامية بنيسابور رجل يعرف بإبراهيم بن مهاجر ينصر هذا القول ويناصر عليه.
وزعم ابن كرام وأتباعه أن معبودهم محل للحوادث وزعموا أن أقواله ، وإرادته ، وإدراكاته للمرئيات ، وإدراكاته للمسموعات ، وملاقاته للصفحة العليا من العالم ، أعراض حادثة فيه ، وهو محل لتلك الحوادث الحادثة فيه.
وسموا قوله للشيء : «كن» خلقا للمخلوق ، وإحداثا للمحدث ، وإعلاما