أريد به. ولازم قولهم : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يتكلم بذلك ولا يعلم معناه ثم تناقضوا أقبح تناقض فقالوا : تجري على ظواهرها. وتأويلها بما يخالف الظواهر باطل. ومع ذلك فلها تأويل لا يعلمه إلا الله. فكيف يثبتون لها تأويلا ويقولون تجري على ظواهرها ، ويقولون الظاهر منها مراد ، والرب منفرد بعلم تأويلها ، وهل في التناقض أقبح من هذا؟
وهؤلاء غلطوا في المتشابه وفي جعل هذه النصوص من المتشابه. وفي كون المتشابه لا يعلم معناه إلا الله. فأخطئوا في المقدمات الثلاث واضطرهم إلى هذا : التخلص من تأويلات المبطلين وتحريفات المعطلين وسدوا على نفوسهم الباب. وقالوا لا نرضى بالخطإ ، ولا وصول لنا إلى الصواب. فتركوا التدبير المأمور به والتعقل لمعانى النصوص. وتعبدوا بالألفاظ المجردة التي أنزلت في ذلك ، وظنوا أنها أنزلت للتلاوة والتعبد بها دون تعقل معانيها وتدبرها والتفكر فيها وأولئك جعلوها عرضة للتأويل والتحريف كما جعلها أصحاب التخييل أمثالا لا حقيقة لها.
وقابلهم الصنف الرابع وهم صنف التشبيه والتمثيل. ففهموا منها مثل ما للمخلوقين وظنوا أن لا حقيقة لها إلا ذلك. وقالوا : محال أن يخاطبنا الله بما لا نعقله. ثم يقول : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) ، (لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) فهذه الفرق لا يزال يبدع بعضهم بعضا ويضلله ويجهله ، وقد تصادمت كما ترى. فهم كزمرة من العميان تلاقوا فتصادموا ، كما قال أعمى البصيرة منهم :
ونظيري في العلم مثل اعمى |
|
فكلانا في حندس نتصادم |
وهدى الله أصحاب سواء السبيل للطريقة المثلى ، فأثبتوا حقائق الأسماء والصفات ، ونفوا عنها مماثلة المخلوقات ، فكان مذهبهم مذهبا بين مذهبين ، وهدى بين ضلالتين ، يثبتون له الأسماء الحسنى والصفات العليا بحقائقها ، ولا يكيفون شيئا منها ، فإن الله تعالى أثبتها لنفسه. وإن كان لا سبيل لنا إلى معرفة كنهها وكيفيتها. فإن الله تعالى لم يكلف كل عباده بذلك ولا أراده منها ولا جعل