(لو ، وليت) في الريح ، لأن اعتراض المعترض عليه مردود ، واقتراح المقترح ما ظن أنه أولى منه سفه ، وجملة الشريعة مشتملة على أنواع الحكمة علما وعملا ، حتى لو جمعت حكم جميع الأمم ونسبت إليها لم تكن لها إليها نسبة ، وهي متضمنة لأعلى المطالب بأقرب الطرق وأتم البيان ـ فهي متكفلة بتعريف الخليقة ربها وفاطرهم المحسن إليهم بأنواع الإحسان بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وتعريف الطريق الموصل إلى رضاه.
ويقابل ذلك تعريف حال الداعي إلى الباطل والطرق الموصلة إليه ، وحال السالكين تلك الطريق وإلى أين تنتهي بهم ، ولهذا تقبلها العقول الكاملة أحسن تقبل بالتسليم والإذعان ، وتستدير حولها بحماية حوزتها والذب عن سلطانها ، فمن ناصر باللغة الشائعة ، حام بالعقل الصريح ، ذاب عنه بالبرهان ، ومجاهد بالسيف والرمح والسنان ـ ومتفقة في الحلال والحرام. ومعتن بتفسير القرآن ـ وحافظ المتون والسنة وأسانيدها ـ ومفتش عن أحوال رواتها ـ وناقد لصحيحها من سقيمها ـ ومعلولها من سليمها.
فهذه الشريعة ابتداؤها من الله وانتهاؤها إليه ـ ليس فيها حديث المنجم في تأثيرات الكواكب وحركات الأفلاك وهيئاتها ومقادير الأجرام ـ ولا حديث التربيع والتثليث والتسديس والمقارنة ، ولا حديث صاحب الطبيعة الناظر في آثارها ، واشتباك الاستفاضات وامتزاجها وقوامها ، وما يتعلق بالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. وما الفاعل منها وما المنفعل ، ولا فيها حديث لمهندس ولا لباحث عن مقادير الأشياء ونقطها وخطوطها. وسطوحها وأجسامها وأضلاعها وزواياها ومعاطفها ، وما الكرة وما الدائرة والخط المستقيم والمنحنى ولا فيها هذيان المنطقيين ونحوهم في النوع والجنس والفصل والخاصة والعرض العام ، والمقولات العشر والمختلطات والموجهات : الصادر عن رجل مشرك من يونان كان يعبد الأوثان ولا يعرف الرحمن ، ولا يصدق بمعاد الأبدان ، ولا أن الله يرسل رسولا بكلامه إلى نوع الإنسان.
فجعل هؤلاء المعارضون بين العقل والنقل ، عقل هذا الرجل معيارا على