وصفاته دون خلقه وأحكامه وثوابه وعقابه. وسمع النبي صلىاللهعليهوسلم رجلا يدعوه «اللهم إنى أسألك بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم» (١) وسمع آخر يقول «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» (٢) فقال لأحدهما : «لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به
__________________
فقال : لأن القرآن اشتمل على ثلاثة مقاصد أساسية ، أولا : علوم الأحكام والشرائع ، ثانيا : ما فيه من قصص وأخبار عن أحوال الرسل مع أممهم ، ثالثا : علوم التوحيد وما يجب على العبد معرفته من أسماء الله وصفاته ، وهذا هو أشرفها وأجلها ، وهذه السورة تضمنت أصول هذا العلم واشتملت عليها إجماليا فهذا وجه كونها تعدل ثلث القرآن.
وفي بيان تسميتها بالإخلاص قال : لأنها أخلصت لوصف الله ، ولأنها تخلص قارئها من الشرك العملي الاعتقادي ، وأما دلالتها على أنواع التوحيد فدلالتها على توحيد الألوهية والعبادة بالالتزام ، وأما على توحيد الربوبية فبالتضمن ، وأما على توحيد الأسماء والصفات فالمطابقة لأن دلالة الدليل على كل معناه تسمى مطابقة ، وعلى بعضه تضمن وعلى ما يستلزمه من الخارج يسمى التزاما وتقدم موضحا أه (المصدر السابق).
وقال القرطبي في «المفهم» : اشتملت. (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) على اسمين يتضمنان جميع أوصاف الكمال : وهما الأحد والصمد ، فإنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال ، فإن الواحد والأحد وإن رجعا إلى أصل واحد فقد افترقا استعمالا وعرفا ؛ فالوحدة : راجعة إلى نفي التعدد والكثرة ، والواحد أصل العدد من غير تعرض لنفي ما عداه ، والأحد : يثبت مدلوله ويتعرض لنفى ما سواه ، ولهذا يستعملونه في النفي ويستعملون الواحد في الإثبات ، يقال ما رأيت أحدا ورأيت واحدا ، فالأحد : في أسماء الله تعالى مشعر بوجوده الخاص به الذي لا يشاركه فيه غيره ، وأما الصمد : فإنه يتضمن جميع أوصاف الكمال لأن معناه الذي انتهى سؤدده بحيث يصمد إليه في الحوائج كلها وهو لا يتم حقيقة إلا لله أه أفاده الحافظ في «الفتح» (١٣ / ٣٧٠) فليراجع للأهمية.
(١) أخرجه الإمام أحمد (٣ / ١٢٠ ، ١٥٨) ، وأبو داود (١٤٩٥) ، والترمذي (٣٥٤٤) ، وابن ماجه (٣٨٥٨) ، والحاكم (١ / ٥٠٣) وقال : صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ا ه. وقال الترمذي : حديث غريب من حديث ثابت عن أنس ، وقد روى من غير هذا الوجه عن أنس ا ه.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٥ / ٣٥٠) وأبو داود (١٤٩٣) ، والترمذي (٣٤٧٥) ، وابن ماجه (٣٥٨٧) ، والحاكم (١ / ٥٠٤) قال الترمذي : حديث حسن غريب.