أجاب وإذا سئل به أعطى» وقال للآخر : «سل تعطه» وذلك لما تضمنه هذا الدعاء من أسماء الرب وصفاته.
وفي الحديث الصحيح عنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما أصاب عبد قط هم ولا حزن ؛ فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك. ناصيتي بيدك ماض في حكمتك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، وأنزلته في كتابك ، أو علمته أحد من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني وذهاب همي وغمي ؛ إلا أذهب الله همه وأبدله مكانه فرحا» قالوا أفلا نتعلمهن يا رسول الله؟ قال «بلى ، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن» (١).
وقد نبه سبحانه على إثبات صفاته وأفعاله بطريق المعقول. فاستيقظت لتنبيه العقول الحية ، واستمرت على رقادها العقول الميتة ؛ فقال في صفة العلم (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الملك : ١٤) فتأمل صحة هذا الدليل مع غاية إيجاز لفظه باختصار ، وقال : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (النحل : ١٧) فما أصح هذا الدليل وما أوجزه.
وقال تعالى في صفة الكلام : (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) (الأعراف : ١٤٨) نبه بهذا الدليل على أن من لا يكلم ولا يهدي لا يصلح أن يكون إلها ، وكذلك قوله في الآية الأخرى عن العجل (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) (طه : ٨٩) فجعل امتناع صفة الكلام والتكليم وعدم ملك الضر والنفع دليلا على عدم الإلهية. وهذا دليل عقلي سمعي على أن الإله لا بدّ أن يكلم ويتكلم ويملك لعباده الضر والنفع وإلا لم يكن إلها.
__________________
(١) (صحيح) أخرجه الإمام أحمد (١ / ٣٩١ ، ٤٥٢) ، والحاكم (١ / ٥٠٩) ، وابن حبان (٢٣٧٢) ، وذكره الهيثمي في «المجمع» (١٠ / ١٣٦) وعزاه لأحمد وأبي يعلي وقال : ورجالهما رجال الصحيح غير أبي أسامة الجهمي ، وقد وثقه ابن حبان انتهي ، والحديث ذكره الألباني في «الصحيحة» (١٩٩).