مختلفين ، فإن الصفة المستعاذ بها والصفة المستعاذ منها صفتان لموصوف واحد ورب واحد فالمستعيذ بإحدى الصفتين من الأخرى مستعيذا بالموصوف بهما منه.
وإن أردتم بالجسم ماله وجه ويدان وسمع وبصر : فنحن نؤمن بوجه ربنا الأعلى وبيديه وبسمعه وبصره ، وغير ذلك من صفاته التي أطلقها على نفسه.
وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ومستويا على غيره ، فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه. وكذلك إن أردتم من التشبيه والتركيب هذه المعاني التي دل عليها الوحى والعقل ؛ فنفيكم لها بهذه الألقاب المنكرة خطأ في اللفظ والمعنى ، وجناية على ألفاظ الوحي. أما الخطأ اللفظي فتسميتكم الموصوف بذلك جسما مركبا مؤلفا مشبها بغيره ؛ وتسميتكم هذه الصفات تركيبا وتجسيما وتشبيها ؛ فكذبتم على القرآن وعلى الرسول وعلى اللغة ، ووضعتم لصفاته ألفاظا منكم بدئت وإليكم تعود.
وأما خطؤكم في المعنى في نفيكم وتعطيلكم لصفات كماله بواسطة هذه التسمية والألقاب ، فنفيتم المعنى الحق وسميتموه بالاسم المنكر ، وكنتم في ذلك بمنزلة من سمع أن العسل شفاء ولم يره فسأل عنه. فقيل له : مائع رقيق أصفر يشبه العذرة ، تتقيؤه الزنابير ، ومن لم يعرف العسل ينفر عنه بهذا التعريف ، ومن عرفه وذاقه لم يزده هذا التعريف عنده إلا محبة له ورغبة فيه. ولله در القائل :
تقول هذا جناء النحل تمدحه |
|
وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير |
مدحا وذما وما جاوزت وصفهما |
|
والحق قد يعتريه سوء تعبير |
وأشد ما جادل أعداء الرسول في التنفير عنه سوء التعبير عما جاء به ، وضرب الأمثال القبيحة له ، والتعبير عن تلك المعاني التي أحسن منها بألفاظ منكرة ألقوها في مسامع المغترين المخدوعين ، فوصلت إلى قلوبهم فنفرت عنه. وأكثر العقول كما عهدت يقبل القول بعبارة ، ويرده بعبارة أخرى.
وكذلك إذا قال الفرعوني : لو كان فوق السموات رب أو على العرش إله