حكيما فعالا ، ومع إقراره بذلك فقد اضطر إلى القول بتعدد صفات الواحد ، وتكثر أسمائه وأفعاله ، فلو تكثرت لم يلزم من تكثرها وتعددها محذور بوجه من الوجوه.
(وإن قال) أنا أنفيها بالجملة ولا أثبت تعددها بوجه (قيل له) فهو هذه الموجودات أو غيرها (فإن قال) غيرها (قيل) هو خالقها أم لا؟ (فإن قال) هو خالقها (قيل له) هو قادر عليها عالم بها مريد لها أم لا؟ (فإن قال نعم هو كذلك ، اضطر إلى تعدد صفاته وتكثرها ، إن نفي ذلك كان جاحدا للصانع بالكلية. ويستدل عليه بما يستدل على الزنادقة الدهرية ، ويقال لهم ما قالت الرسل لأممهم : أفي الله شك؟ وهل يستدل عليه بدليل هو أظهر للعقول من إقرارها به وبربوبيته).
وليس يصح في الأذهان شيء |
|
إذا احتاج النهار إلى دليل |
(فإن قال) أنا أثبته موجودا واجب الوجود لا صفة له (قيل له) فكل موجود على قولك أكمل منه ، وضلال اليهود والنصارى وعباد الأصنام أعرف به منك ، وأقرب إلى الحق والصواب منك وإما فرارك من قيام الأمور المتجددة به ففررت من أمر لا يثبت كونه إلها وربا وخالقا إلا به ولا يقتدر كونه صانعا لهذا العالم مع نفيه أبدا ؛ وهو لازم لجميع طوائف أهل الأرض ، حتى الفلاسفة الذين هم أبعد الخلق من إثبات الصفات. ولهذا قال بعض عقلاء الفلاسفة : إنه لا يتقرر كونه رب العالمين إلا بإثبات ذلك ، قال : والإجلال من هذا الإجلال واجب والتنزيه من هذا التنزيه متعين. قال بعض العلماء : وهذه المسألة يقوم عليها قريب من ألف دليل عقلي وسمعى والكتب الإلهية والنصوص النبوية ناطقة بذلك ، وإنكار لما علم بالضرورة من دين الرسل أنهم جاءوا به.
(ونحن نقول) إن كل سورة من القرآن تتضمن إثبات هذه المسألة ، وفيها أنواع من الأدلة عليها فأدلتها تزيد على عشرة آلاف دليل فأول سورة في القرآن تدل عليها من وجوه كثيرة ، وهي سورة أم الكتاب ، فإن قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ) يدل عليها ، فإنه سبحانه يحمد على أفعاله كما حمد نفسه في كتابه ، وحمده