وأثبتوا أسماء بلا معان ، وذلك كله مخالف لصريح العقول فلا بد من إثبات ذات محققه لها الأسماء الحسنى وإلا فأسماء فارغة لا معنى لها توصف بحسن فضلا عن كونها أحسن من غيرها ، يوضحه.
الوجه الحادى والخمسون : أن الله سبحانه قرن بين هذين الاسمين الدالين على علوه وعظمته في آخر آية الكرسي ، وفي سورة الشورى ، وفي سورة الرعد ، وفي سورة سبأ في قوله : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (سبأ : ٢٣) ففى آية الكرسى ذكر الحياة التى هى أصل جميع الصفات وذكر معها قيوميته المقتضية لدوامه وبقائه ، وانتفاء الآفات جميعها عنه ومن النوم والسنة العجز وغيرها. ثم ذكر كمال ملكه ، ثم عقبه بذكر وحدانيته فى ملكه وأنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. ثم ذكر سعة علمه وإحاطته. ثم عقبه بأنه لا سبيل للخلق إلى علم شيء من الأشياء إلا بعد مشيئته لهم أن يعلموه. ثم ذكر سعة كرسيه منبها به على سعته سبحانه وعظمته وعلوه. وبذلك توطئة بين يدى علوه وعظمته ثم أخبر عن كمال اقتداره وحفظه للعالم العلوي والسفلى ، من غير اكتراث ولا مشقة (وتعب) ، ثم ختم الآية بهذين الاسمين الجليلين الدالين على علو ذاته وعظمته في نفسه.
وقال فى سورة طه (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) (طه : ١١٠) وقد اختلف فى مفسر الضمير في (به) فقيل هو الله سبحانه ، أي ولا يحيطون بالله علما ، وقيل هو (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) فعلى الثانى يرجع إلى المعلوم ، وهذا القول يستلزم الأول من غير عكس ، لأنهم إذا لم يحيطون ببعض معلوماته المتعلقة بهم ، فإن لا يحيطون علما به سبحانه من باب أولى.
كذلك الضمير في قوله : (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) يجوز أن يرجع إلى الله. ويجوز أن يرجع إلى (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) ولا يحيطون بشيء من علم ذلك إلا ما شاء ، فعلى الأول يكون المصدر مضافا إلى الفاعل ، وعلى الثانى يكون مضافا إلى المفعول.