لسلامة ما وصفوه به من النقائص والعيوب. ثم حمد نفسه على تفرده بالأوصاف التى يستحق عليها كمال الحمد.
(ومن هنا) أخذ إمام السنة محمد بن إدريس الشافعي رحمهالله خطبة كتابه حيث قال «الحمد لله الذي هو كما وصف نفسه وفوق ما يصفه خلقه» فأثبت بهذه الكلمة أن صفاته إنما تتلقى بالسمع لا بآراء الخلق وأن أوصافه فوق ما يصفه به الخلق ، وقد شهد الله سبحانه بالعلم بمن يرى أن ما جاء به الرسول من عند الله هو الحق ، لا آراء الرجال فقال تعالى : (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (سبأ : ٦). وقال تعالى : (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى) (الرعد : ١٩) فمن تعارض عنده ما جاء به الرسول وآراء الرجال فقدمها عليه أو توقف فيه أو قدحت في كمال معرفته فهو أعمى عن الحق.
وقد أخبر الله تعالى عن رسوله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف : ١٠٨) وأخبر تعالى عنه أنه سراج منير (١) ، وأنه هاد إلى صراط مستقيم (٢) ، وبأن من اتبع النور الذي أنزل معه هو المفلح لا غيره (٣) ؛ وأن من لم يحكمه في كل ما تنازع فيه المتنازعون وينقاد لحكمه ؛ ولا يكون عنده حرج منه فليس بمؤمن (٤).
__________________
(١) يشير إلى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً* وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (الأحزاب : ٤٥ ، ٤٦).
(٢) يشير إلى قوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا ، وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الشورى : ٥٢).
(٣) يشير إلى قوله تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الأعراف : ١٥٧).
(٤) يشير إلى قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء : ٦٥).