والإجلال والعبودية التي تصل إليها قدرته ، وكل ما ينافى التعظيم والإجلال يستحق عليه من العقوبة ما يناسبه. والشرك والمعصية والغفلة واتباع الهوى وترك بذل الجهد والنصيحة في القيام بحق الله باطنا وظاهرا ؛ وتعلق القلب بغيره ، والتفاته إلى ما سواه ، ومنازعة ما هو من خصائص ربوبيته ؛ ورؤية النفس والمشاركة في الحول والقوة ، ورؤية الملكة في شيء من الأشياء فلا ينسلخ منها بالكلية ، كل ذلك ينافي التعظيم والإجلال. فلو وضع سبحانه العدل على العباد لعذبهم بعدله فيهم ولم يكن ظالما ، وغاية ما يقدر توبة العبد من ذلك واعترافه به ، وقبول التوبة ومحض فضله وإحسانه ؛ وإلا فلو عذب عبده على جنايته لم يكن ظالما ولو قدر أنه تاب منها ، لكن أوجب على نفسه بمقتضى فضله ورحمته ألا يعذب من تاب من ذنبه واعترف به رحمة وإحسانا ، وقد كتب سبحانه على نفسه الرحمة ، فلا يسع الخلائق إلا رحمته وعفوه ، ولا يبلغ عمل أحد منهم أن ينجوا به من النار أو يدخل به الجنة كما قال أطوع الخلق لربه ؛ وأفضلهم عملا وأشدهم تعظيما له «لن ينجى أحدا منكم عمله» قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» (١).
وكان صلىاللهعليهوسلم أكمل الخلق استغفارا ، وكانوا يعدون عليه في المجلس الواحد مائة مرة «رب اغفر لي وتب على إنك أنت التواب الرحيم» (٢) وكان يقول «يا أيها الناس توبوا إلى ربكم ، فو الله إني لأتوب إليه ـ وفي لفظ ـ إني لأستغفر الله في اليوم والليلة أكثر من سبعين مرة» (٣) وكان إذا سلم في صلاته استغفر ثلاثا.
__________________
(١) أخرجه البخارى (٦٤٦٣) ، ومسلم (٢٨١٦) وغيرهما.
(٢) ذكره الحافظ في «الفتح» كتاب الدعوات باب استغفار النبي صلىاللهعليهوسلم في اليوم والليلة. وعزاه للنسائي من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر ، وسكت عنه.
(٣) المصدر السابق وعزاه للنسائي أيضا بلفظ : «فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة».
ورواه البخاري (٦٣٠٧) عن أبي هريرجة بلفظ : «والله إنى لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة».
قال الحافظ : وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي صلىاللهعليهوسلم وهو معصوم ، والاستغفار ـ