والأرض لعذبهم وهو غير ظالم لهم. قال أنس بن مالك «ينشر للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين : ديوان فيه ذنوبه ، وديوان فيه النعم ، ديوان فيه العمل الصالح فيأمر الله تعالى أصغر نعمة من نعمه فتقوم تستوعب عمله فيه ثم تقول : أي ربي ، وعزتك وجلالك ما استوعبت ثمنى وقد بقيت الذنوب والنعم ؛ فإذا
__________________
ـ فإن من اعتبر حال نفسه ، وفتش على ما خص به ، وجد لله عليه نعما كثيرة ، لا سيما من خص الإيمان ، والقرآن ، والعلم ، والسنة ، ثم الفراغ والصحة والأمن وغير ذلك.
وقد روي في بعض الأحاديث «من قرأ القرآن فهو غنى» ، وفي لفظ : «القرآن غنى لا فقر بعده ، ولا غني دونه».
وفي حديث آخر : من «أصبح آمنا في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
وقال بعضهم :
إذا ما القوت يأتى ل |
|
ك في الصحة والأمن |
وأصبحت أخا حزن |
|
فلا فارقك الحزن |
فإن قيل : فما علاج القلوب الغافلة عن شكر نعم الله تعالى؟
فالجواب : أما القلوب المبصرة ، فتتأمل ما رمز إليه من أصناف نعم الله عزوجل ، وأما القلوب البليدة التى لا تعد النعمة إلا إذا نزل بها البلاء ، فسبيل صاحبها أن ينظر أبدا إلى من دونه ، ويفعل ما كان يفعله بعض القدماء ، فإنه كان يحضر دار المرضى ليشاهد أنواع البلاء عليهم ، ثم يتأمل صحته وسلامته ، ويشاهد الجناة الذين يقتلون وتقطع أيديهم وأرجلهم ويعذبون ، فيشكر الله على سلامته من تلك العقوبات ، ويحضر المقابر ، فيعلم أن أحب الأشياء إلى الموتى أن يردوا إلى الدنيا ، ليتدارك من عصى عصيانه ، وليزيد في الطاعة من أطاع ، فإن يوم القيامة يوم التغابن ، فإذا شاهد المقابر ، وعلم أحب الأشياء إليهم فليصرف بقية عمره في طاعة الله تعالى وشكره في الإمهال ، بأن يصرف العمر إلى ما خلق لأجله ، وهو التزود للآخرة.
ومما ينبغى أن تعالج به القلوب البعيدة عن الشكر أن يعرف أن النعمة إذا لم تشكر زالت.
كان الفضيل رحمهالله تعالى يقول : عليكم بمداومة الشكر على النعم ، فقل نعمة زالت عن قوم فعاد إليهم.