أراد الله بعبده خيرا قال : ابن آدم ضعفت حسناتك وتجاوزت عن سيئاتك ووهبت لك نعمتي فيما بيني وبينك» (١).
ومما يوضح الأمر أن من حق الله على عبده أن يرضى به ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ، وهذا الرضى يقتضي رضاه بربوبيته له في كل ما يقضيه ويقدره عليه في عطائه له ومنعه ، وفي قبضه وبسطه ، ورضاه بالإسلام دينا يوجب عليه رضاه به وعنه في كل ما يأمره به وينهاه عنه ويحبه منه ويكرهه له ، فلا يكون في صدره من ذلك حرج بوجه ما. ورضاه بمحمد رسولا يوجب أن يرضى بحكمه له وعليه ؛ وأن يسلم لذلك وينقاد له ولا يقدم عليه غيره ، وهذا يوجب أن يكون حبه كله لله ، وبغضه كله الله ، وعطاؤه لله ومنعه لله ، وفعله لله وتركه لله وإذا قام بذلك كانت نعم الله عليه أكثر من عمله. بل فعله ذلك من أعظم نعم الله عليه ، وحيث وفقه له ويسره له وأعانه عليه وجعله من أهله وخصه به ، فهو يستوجب شكر آخر عليه ، فلا سبيل له إلى القيام فيما يجب لله تعالى عليه من الشكر أبدا. فنعم الله تطالبه بالشكر ، وأعماله لا يقبلها وذنوبه وغفلته وتقصيره
__________________
(١) واضح من نص الكلام أن ابن القيم لم يرفعه ، وروى مرفوعا من حديث عائشة رضي الله عنها ، رواه الإمام أحمد (٦ / ٢٤٠) ، والحاكم (٤ / ٥٧٥) من طريق صدقة بن موسى بلفظ : «الدواوين عند الله عزوجل ثلاثة : ديوان لا يعبأ الله به ، وديوان لا يترك الله منه شيئا ، وديوان لا يغفره الله ، فأما الديوان الّذي لا يغفره الله تعالى ، فالشرك قال تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) (المائدة : ٧٢) ، وأما الديوان لا يعبأ الله به شيئا ؛ فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين الله عزوجل يغفر ذلك ، ويتجاوز إن شاء ، وأما الديوان الّذي لا يترك منه شيئا فظلم العباد بعضهم بعضا ، فالقصاص لا محالة». وقال الحافظ العراقى : رواه أحمد والحاكم وصححه من حديث عائشة وفيه صدقة ابن موسى الدقيقي ، ضعفه ابن معين وغيره ، وله شاهد من حديث سلمان رواه الطبرانى وهو منكر كما قال الذهبى ا ه.
وذكره الهيثمى فى «المجمع» (١٠ / ٣٤٨) وقال : وفيه صدقة بن موسى وقد ضعفه الجمهور ، وقال مسلم بن إبراهيم حثنا صدقة بن موسى وكان صدوقا وبقية رجاله ثقات ا ه ، وانظر «السلسلة الصحيحة» (١٩٢٧) للألباني.