وخضت في الذي نهوني عنه ، والآن إن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لي. وها أنا ذا أموت على عقيدة أمى».
وقال الآخر «أكثر الناس شكا عند الموت أرباب الكلام».
وقال آخر منهم «اشهدوا على أني أموت وما عرفت شيئا إلا أن الممكن مفتقر إلى واجب» ثم قال «الافتقار أمر عدمي فلم أعرف شيئا» وقال آخر وقد نزلت به نازلة من سلطانه فاستغاث برب الفلاسفة فلم يغث ، قال : فاستغثت برب الجهمية فلم يغثني. ثم استغثت برب القدرية فلم يغثني ، ثم استغثت برب المعتزلة فلم يغثني ، قال : فاستغثت برب العامة فأغاثني (١).
__________________
قُلُوبِكُمْ) الآية ، وقال (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) الآية وليس هؤلاء مقلدين لآبائهم ولا لرؤسائهم ، لأنهم لو كفر آباؤهم أو رؤساؤهم لم يتابعوهم بل يجدون النفرة عن كل من سمعوا عنه ما يخالف الشريعة وأما الآيات والأحاديث فإنما وردت في حق الكفار الذين اتبعوا من نهوا عن اتباعه ، وتركوا اتباع من أمروا اتباعه وإنما كلفهم الله الإتيان ببرهان على دعواهم بخلاف المؤمنين فلم يرد قط أنه أسقط أتباعهم حتى يأتوا بالبرهان ، وكل من خالف الله ورسوله فلا برهان له أصلا وإنما كلف الإتيان بالبرهان تبكيتا وتعجيزا ، وأما من اتبع الرسول فيما جاء به فقد اتبع الحق الّذي أمر به وقامت البراهين على صحته سواء علم هو بتوجيه ذلك البرهان أم لا ا ه وللمزيد انظر (فتح الباري : باب ما جاء في دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم أمته إلى توحيد الله تعالى ، وكتاب تلبيس إبليس لابن الجوزى فصل : خطورة علم الكلام والفلسفة ، وما بعده من طبعة المكتب الثقافي بالقاهرة بتحقيقنا).
(١) فالطريق السليم لمعرفة الله سبحانه هو معرفته من خلال آياته المتلوّة ، وهو القرآن الكريم كما فهمه الرسول وأصحابه ومن تبعهم في اعتقادهم وتأويلهم له ، والطريق الثاني ، التفكر في آياته المشهودة والمتناثرة في هذا الكون ، ومشاهدة عظمة الله وحكمته في كل ذرة مخلوقة ، وأنها لم تخلق عبثا.
ويقول المصنف في كتابه «الفوائد» : معرفة الله سبحانه نوعان :
الأول : معرفة إقرار ؛ وهى التي اشترك فيها الناس ، البر والفاجر المطيع والعاصي.
والثاني : معرفة توجب الحياء منه ، والمحبة له ، وتعلق القلب به ، والشوق إلى لقائه ، وخشيته والإنابة إليه ، والأنس به ، والفرار من الخلق إليه ، وهذه هي المعرفة الخاصة