الاقتران ، فأمكن أن يكون لها جهتان ، وأما الحروف فلا تدل الا مع الاقتران فليس لها جهة حقيقة ومجاز ، قيل لكم دلالة الأسماء والأفعال عند التجرد عن كل قيد كدلالة الحروف سواء لا فرق بينهما لغة ولا عقلا ، فإن قولك رجل وماء وتراب ، كقولك في وعلى وثم وقام وقعد وضرب ، فالجميع أصوات ينعق بها لا تفيد شيئا وشرط إفادتها تركيبها ، فكما أن شرط إفادة الحرف تركيبه مع غيره فشرط إفادة الاسم والفعل تركيبهما.
فإن قلت : أن أفهم من رجل وماء وتراب مسمى هذه الألفاظ بمجرد ذكرها. قيل : فافهم من قولك في وعلى وثم ومسمى تلك الحروف بمجرد ذكرها ، وهي الظرفية والاستعلاء والترتيب والتراخي.
فإن قلت : لا يعقل معنى الظرفية الا بالمظروف والظرف ، ولا معنى الاستعلاء إلا بالمستعلى والمستعلى عليه ، ولا معنى الترتيب إلا بالمرتب والمرتب عليه ، وهذه هى متعلقات الحروف. قيل : لا فرق بينهما فإنه يفهم من (في) ظرفية مطلقة ومن (على) استعلاء مطلق ، ومن (ثم) ترتيب مطلق ، كما يفهم من رجل وماء وتراب معان مطلقة ، وهي صور ذهنية مجردة لا يقارنها علم بوجودها في الخارج ولا عدمها ولا وجود شيء لها ولا سلب شيء عنها ، بل هي تخيلات ساذجة ، وفهم معانيها المخصوصة المفيدة متوقف على ترتيبها ، فإذا قلت جاءني رجل فأكرمته ، كانت دلالته على المعنى المقيد ، كدلالة الحرف على معناه المقيد عند تركيبه ، كقولك علمت على السطح وتقول (على) للاستعلاء (وفي) للوعاء فتفيد الحكم على معناها المطلق ، كما تقول الذكر أشرف من الأنثى ، والرجل أنفع من المرأة ، فيفيد الحكم على المعنى المطلق.
فههنا ثلاثة أمور وهي معتبرة في الحروف وتسميتها ، فإنك تقول (على) مجردة وتقول على للاستعلاء. وتقول زيد على السطح كما تقول رجل ، والرجل خير من المرأة ، فدعوى المجاز في بعض ذلك دون بعض تحكم لا وجه له ، ودلالة الاسم والفعل على المعنى المطبق من غير تقييد إن كانت هى حقيقة اللفظ كان