وكذلك قوله صلىاللهعليهوسلم في حمزة «أنه أسد الله وأسد رسوله» (١) وقول أبي بكر رضى الله عنه في قتادة : «لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه» لم يسبق فهمه أنه الحيوان الّذي يمشى على أربع ، بل يسبق من قوله أن ثلاثة حفروا زبية أسد فوقعوا فيها فقتلهم الأسد ، معناه ولا يفهم أحد من قوله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) (النحل : ١١٢) إن الجوع والخوف طعام يؤكل بالفم ، بل هذا التركيب لهذا المفعول مع هذا الفعل حقيقة في معناه كالتركيب في قوله : (أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) (قريش : ٤) ونسبة هذا إلى معناه المراد به كنسبة الآخر إلى معناه ، وفهم أحد المعنيين من هذا العقد والتركيب كفهم المعنى الآخر والسبق كالسبق ، والتجريد عن كل قرينة ممتنع وكذلك من سمع قوله : «الحجر الأسود يمين الله في الأرض ، فمن صافحه وقبله فكأنما صافح الله وقبل يمينه» (٢) لم يسبق إلى فهمه من هذا اللفظ غير معناه الّذي سيق له وقصد به ، وأن تقبيل الحجر الأسود ومصافحته منزل منزلة تقبيل يمين الله ومصافحته ، فهذا حقيقة هذا اللفظ ، فإن المتبادر السابق إلى الفهم منه لا يفهم الناس منه غير ذلك ، ولا يفهم أحد منه أن الحجر الأسود هو صفة الله القديمة القائمة به ، فهذا لا يخطر ببال أحد عند سماع هذا اللفظ أصلا ، فدعوى أن هذا حقيقة وأنه خرج إلى مجازه بهذا التركيب خطأ ، ونكتة هذا الوجه أن المجرد
__________________
(١) رواه الحاكم (٣ / ١٩٤) ، وابن سعد في «الطبقات» (٣ / ٨) وذكره الهيثمى في «المجمع» (٩ / ٢٦٨) ، وعزاه للطبرانى وقال : ويحيى وأبوه لم أعرفهما وبقية رجاله رجال الصحيح ا ه.
(٢) [حديث ضعيف] رواه الخطيب البغدادى في «تاريخه» (٦ / ٣٢٨) ، وذكره الملا على القارى في «الأسرار المرفوعة» (١١٣) ، وابن الجوزى في «العلل والمتناهية» (٢ / ٨٥).
ورواه أيضا الخطيب (٦ / ٣٢٨) بلفظ : «الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها عباده» من طريق إسحاق بن بشر الكاهلى.
وقال عنه : يروى عن مالك وغيره من الرفعاء أحاديث منكره وذكر له الألبانى روايات وطرق أخرى كلها ضعيفة فانظره في «السلسلة الضعيفة» (٢٢٣).