ظُهُورِهِ) (الزخرف : ١٣) (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ) وهكذا في جميع مورده في اللغة التي خوطبنا بها ، ولا يصح أن يقال استوى على الدابة والسطح إذا نزل عنها وفارقها ، كما يقال استولى عليها ، هذا عكس اللغة وقلب الحقائق ، وهذا قطعى بحمد الله.
الوجه الرابع والثلاثون : إن نقل معنى الاستواء وحقيقته كنقل لفظه ، بل أبلغ ، فإن الأمة كلها تعلم بالضرورة أن الرسول أخبر عن ربه بأنه استوى على عرشه ، من يحفظ القرآن منهم ومن لا يحفظه ، وهذا المعنى عندهم كما قال مالك وأئمة السنة : الاستواء معلوم غير مجهول كما أن معنى ـ السمع والبصر والقدرة والحياة والإرادة وسائر ما أخبر به عن نفسه معلوم ، وإن كانت كيفيته غير معلومة للبشر ، فإنهم لم يخاطبوا بالكيفية ، ولم يرد منهم العلم بها ، فإخراج الاستواء عن حقيقته المعلومة كإنكار ورود لفظه بل أبلغ ، وهذا (مما) يعلم أنه مناقض لما أخبر الله به ورسوله يوضحه :
الوجه الخامس والثلاثون : إن اللفظ إنما يراد لمعناه ومفهومه فهو المقصود بالذات ، واللفظ مقصود قصد الوسائل ، والتعريف بالمراد ، فإذا انتفى المعنى وكانت إرادته محالا لم يبق في ذكر اللفظ فائدة ، بل كان تركه أنفع من الإتيان به ، فإن الإتيان به إنما حصل منه إيهام المحال والتشبيه ، وأوقع الأمة في اعتقاد الباطل ، ولا ريب أن هذا إذا نسب إلى آحاد الناس كان ذمه أقرب من مدحه فكيف يليق نسبته إلى من كلامه هدى وشفاء وبيان ورحمة ، هذا من أمحل المحال.
الوجه السادس والثلاثون : إن ظاهر الاستواء وحقيقته هو العلو والارتفاع كما نص عليه جميع أهل اللغة وأهل التفسير المقبول ، وقد صرح المنكرون للاستواء بأن الله لا يجوز أن يتكلم بشيء ويعني به خلاف ظاهره كما قال صاحب «المحصول» وغيره ، وهذا لفظه : «لا يجوز أن يتكلم الله بشيء ويعني