من أبطل الباطل وأعظم العقوق للأب ، إذ ساوى المعطل بينه وبين إبليس والأنعام في الخلق باليدين.
الوجه الثاني عشر : إن يد النعمة والقدرة لا يتجاوز بها لفظ اليد فلا يتصرف فيها بما يتصرف في اليد الحقيقة ، فلا يقال كف لا للنعمة ولا للقدرة. ولا إصبع وإصبعان ولا يمين ولا شمال ، وهذا كله ينفي أن يكون اليد نعمة أو يد قدرة ، وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم في الحديث الصحيح : «يد الله ملأى لا يغيضها نفقة» (١) قال : «المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن» (٢) وفي حديث الشفاعة «فأقوم عن يمين الرحمن مقاما لا يقومه غيري» (٣) وإذا ضممت قوله : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (الزمر : ٦٧) إلى قوله صلىاللهعليهوسلم «يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده ثم يهزهن» وجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقبض يده ويبسطها (٤).
وفي «صحيح مسلم» يحكى عن ربه بهذا اللفظ وقال : «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه» (٥) ، ولفظة «بين» لا تقتضى المخالطة ولا المماسة والملاصقة لغة ولا عقلا ولا عرفا ، قال تعالى : (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (البقرة : ١٦٤) وهو لا يلاصق السماء ولا الأرض ، وقال في حديث الشفاعة ««وعدنى ربي أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف» فقال أبو بكر : زدنا يا رسول الله. قال : «وثلاث حثيات من حثيات ربي ، فقال عمر ، حسبك يا أبا بكر ، فقال أبو بكر ، دعني يا عمر ، وما عليك أن يدخلنا الجنة كلنا ، فقال عمر : إن شاء الله
__________________
(١) رواه البخاري (٤٦٨٤).
(٢) تقدم تخريجه قريبا وهو في «صحيح مسلم».
(٣) رواه البخاري (٤٤٧٦).
(٤) رواه مسلم في (صفات المنافقين ٤ / ٢٥).
(٥) رواه مسلم (٢٦٥٤).